ولا يتحقق توحيد الربوبية إلا بإفراد الله جل وعلا بالخلق والأمر بقسميه: الكوني والشرعي، وإفراده بالأمر الشرعي يقتضي الإقرار له وحده بالسيادة العليا والتشريع المطلق، فلا حلال ألا ما أحله، ولا حرام إلا حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، ومن سوغ للناس اتباع شريعة غير شريعته فهو كافر مشرك.
وقد اتفق الأصوليون أجمعون على أن الحاكم لجميع أفعال الملكفين إنما هو الله عز وجل، فهو وحده مصدر جميع الأحكام الشرعية، ولذلك اشتهر من أصولهم:» لا حكم إلا لله «.
حتى هؤلاء الذين قالوا باستقلال العقل بمعرفة بعض الأحكام الشرعية لم ينازعوا في هذا الأصل السابق، وإنما كان نزاعهم حول كيفية التعرف على حكم الله عز وجل، فدور العقل عندهم هو دور التعرف على حكم الله الكاشف عنه أحيانا، مع اتفاق الجميع على أن الحاكم الذي يصدر الأحكام وينشئها إنما هو الله عز وجل، ومن هنا كان اتفاقهم على تعريف الحكم الشرعي بأنه: (خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين طلبا أو تخييرا أو وضعا)، وقسموه إلى قسمين:
الحكم التكليفي: وهو خطاب الله المتعلق بأفعال الملكفين طلبا وتخييرا، وأقسامه خمسة: الإيجاب والتحريم والكراهة والندب والإباحة.
الحكم الوضعي: وهو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الوضع ، وهو ما اقتضى وضع شيء سببا لشيء أو شرطا له أو مانعا منه.
Page 69