4 - أن معيار العدل والإصابة في الصورة الأولى يتمثل في مدي إصابة الحاكم لحكم الله عز وجل وتحقيقه لمقاصد شريعته، بخلاف معيار العدل في الصورة الثانية فإنه يتمثل في مدى استجابة الحاكم لأهواء شعبه، أو مدى موافقته للقوانين الوضعية الوافدة نصا وروحا.
5 - أن الحكم بالكتاب والسنة في الصورة الأولى هو الحق وهو الصواب، بخلاف الصورة الثانية فإن الحكم فيها بشيء من ذلك يعد نقضا للعهد، وهتكا للمواثيق، وخروجا من الصراط المستقيم، بل جريمة جنائية تستوجب تقديم صاحبها إلى محكمة الجنايات، فلو أن قاضيا في ظل هذه النظم حكم بقطع يد سارق أو برجم زان فإنه يكون قد حكم بما يخالف الصواب، وخرج على مقتضى القانون الواجب الاتباع، فينقض حكمه، وينظر في أمره ليجري عليه ما يستحقه من جزاءات وعقوبات، أما إذا عمل على تنفيذ مثل هذا الحكم فإنه يقدم هو ومن أعانه على ذلك إلى محاكمة جنائية بتهمة إحداث عاهة مستديمة، أو بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وما ذلك إلا لأن القانون لا يقر هذه العقوبات، ولا يعترف بهذه التشريعات، فهذا فارق جوهري لابد أن ينتبه إليه، فحكم الله في الصورة الأولى هو الحق والصواب، أما في الصورة الثانية فهو منكر أو جريمة تستوجب العقاب، وسوف نبين فيما يلي مدى تعارض الامتناع عن الالتزام بالحكم بشريعة الله مع قواعد الاعتقاد الكلية، وكيف أنها تلتحق بالشرك الأكبر المخرج من الملة.
Page 66