شرح كشف الشبهات لخالد المصلح
شرح كشف الشبهات لخالد المصلح
Genres
وجود أعداء التوحيد من سنن الله التي لا تتخلف
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد: قال المؤلف رحمه الله تعالى: [واعلم أن الله سبحانه من حكمته لم يبعث نبيًا بهذا التوحيد إلا جعل له أعداءً كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [الأنعام:١١٢] .
وقد يكون لأعداء التوحيد علوم كثيرة وكتب وحجج كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾ [غافر:٨٣] .
إذا عرفت ذلك، وعرفت أن الطريق إلى الله تعالى لابد له من أعداء قاعدين عليه أهل فصاحة وعلمٍ وحُجج؛ فالواجب عليك أن تعلم من دين الله ما يصير لك سلاحًا تقابل به هؤلاء الشياطين، الذين قال إمامهم ومقدمهم لربك ﷿: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف:١٦-١٧]، ولكن إذا أقبلت على الله، وأصغيت إلى حججه وبيناته فلا تخف ولا تحزن ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء:٧٦]] .
قال الشيخ ﵀: (واعلم أنه سبحانه من حكمته لم يبعث نبيًا بهذا التوحيد إلا جعل له أعداء)، وهذا من سُنّة الله ﷾ في رسله وفي أتباعه، أنه لابد للرسل ولأتباع الرسل من أعداء، وهؤلاء الأعداء يضلون عن سبيل الله، ويحاربون الرسل، ويحاربون أتباعهم، ويريدون إطفاء نور الله الذي جاءت به الرسل وحمله أتباعهم؛ ولذلك قال الله ﷾ مسليًا نبيه: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [الأنعام:١١٢]، وفي هذا تسلية للنبي ﷺ، وأن ما يلقاه من اعتداء وأذى من قومه لم يكن أمرًا خُصّ به دون سائر الرسل، بل هو أمر درج عليه الرسل، وهي سُنّة الله ﷾ في أوليائه ليتميز حزبه من حربه، والله ﷾ قد تكفل بإبطال كيد هؤلاء فقال جل ذكره: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ [الفرقان:٣١]، فبعد أن أخبر بوجود العداوة من المجرمين للأنبياء بيّن ﷾ أن هذه العداوة مبطلة بنصر الله ﷾ وبهدايته، والنصر والهداية هما اللذان يحتاجهما العبد في مواجهة هؤلاء، فإن ما يغزو به هؤلاء أهل الحق، أو ما يشغّبون به على أهل الحق، أو أسلوبهم في محاربة أهل الحق لا يخرج عن طريقين: الأول: التشكيك والتضليل.
الثاني: المحاربة والمقاتلة.
وقد تعهد الله ﷾ بإبطال هذين النوعين من الكيد، فتعهد بالهداية التي تقابل التشكيك والتضليل، وتعهد بالنصر الذي يقابل المقاتلة والمحاربة: وبهذا يعلم أنه مهما استطال الباطل، وارتفعت أعلامه، وانتشرت راياته، وكثر أهله، فإنه مدحور، والعاقبة للمتقين كما أخبر ﷾، وقد تكون العاقبة بعد ممات الداعية أو المصلح أو العالم أو المجدد، فإن الله ﷾ لم يضمن ظهور ثمار الرسالة للنبي ﷺ في حياته، بل وعده بالنصر مطلقًا، ولم يتعهد بإظهار هذا النصر في حياته ﷺ.
لكنما العقبى لأهل الحق إن فاتت هنا كانت لدى الديان والمقصود بقول الشاعر: (هنا) أي: في الدنيا.
فنسأل الله ﷾ أن يجعلنا وإياكم من أهل الحق.
5 / 2