Explanation of the Great Foundation in Means and Intercession
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة
Genres
الأدلة على امتناع الشفاعة للكافرين
قال رحمه الله تعالى: [وقد كان ﷺ أراد أن يستغفر لـ أبي طالب اقتداء بإبراهيم، وأراد بعض المسلمين أن يستغفر لبعض أقاربه، فأنزل الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة:١١٣]، ثم ذكر الله عذر إبراهيم فقال: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ * وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾ [التوبة:١١٤ - ١١٥].
وثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: (يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني؟ فيقول له أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا رب أنت وعدتني ألا تخزني يوم يبعثون، وأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله ﷿: إني حرمت الجنة على الكافرين، ثم يقال: انظر ما تحت رجليك فينظر، فإذا هو بذيخ متلطخ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار)].
الذيخ، هو الذئب، وذكر الضبع، وكله من جنس الذئب.
قال رحمه الله تعالى: [فهذا لما مات مشركًا لم ينفعه استغفار إبراهيم مع عظم جاهه وقدره، وقد قال تعالى للمؤمنين: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الممتحنة:٤ - ٥]، فقد أمر الله تعالى المؤمنين بأن يتأسوا بإبراهيم ومن اتبعه، إلا في قول إبراهيم لأبيه: «لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ» فإن الله لا يغفر أن يشرك به.
وكذلك سيد الشفعاء محمد ﷺ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي ﵌ قال: (استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي).
وفي رواية أن النبي ﵌ زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، ثم قال: (استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت).
وثبت عن أنس في الصحيح: (أن رجلًا قال: يا رسول الله أين أبي؟ قال: في النار، فلما قفى دعاه، فقال: إن أبي وأباك في النار).
وثبت أيضًا في الصحيح عن أبي هريرة: (لما أنزلت هذه الآية: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء:٢١٤] دعا رسول الله ﵌ قريشًا فاجتمعوا فعم وخص، فقال: يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئًا، غير أن لكم رحمًا سأبلها ببلالها).
وفي رواية عنه: (يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله فإني لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبد المطلب لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئًا، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئًا، يا فاطمة بنت رسول الله، سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئًا).
وعن عائشة: (لما نزلت: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء:٢١٤] قام رسول الله ﵌ فقال: يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئًا، سلوني من مالي ما شئتم).
وعن أبي هريرة ﵁ قال: (قام فينا رسول الله ﷺ خطيبًا ذات يو
1 / 7