شرح الأربعين النووية - العباد
شرح الأربعين النووية - العباد
Genres
إعداد الزاد للآخرة
والزاد للآخرة هو تقوى الله ﷿، كما الله ﷿: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة:١٩٧]، فكما أن الناس في أسفارهم الدنيوية يحتاجون إلى الزاد فكذلك هم في سفرهم إلى الآخرة، بل هم هنا أشد حاجة إلى الزاد، وقد أورد البخاري في صحيحه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁ في كتاب الرقاق أنه قال: (إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل)، فما ذهب ومضى من حياة المرء فقد ذهب بما فيه من عمل، وإنما عليه أن يصلح حاله في المستقبل، وأن يتدارك أموره إذا كان عنده تقصير؛ لأن كل يوم يمضي عليه يباعده من الدنيا ويقربه من الآخرة، فهناك أناس يشتغلون بالدنيا ويغفلون عن الآخرة، وهناك أناس يشتغلون بالآخرة ولا تكون الدنيا همهم.
يقول رضي الله تعالى عنه: (فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب) أي: في الدنيا (وغدًا -يعني: بعد الموت- حساب ولا عمل) أي أن الإنسان ليس عليه عمل في الآخرة، وإنما هي دار جزاء، إن عمل خيرًا فجزاؤه خير، وإن عمل شرًا فجزاؤه شر، كما قال الله ﷿: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾ [الزلزلة:٧ - ٨].
وقال في الحديث القدسي: (يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)؛ لأنه هو الذي جنى على نفسه ذلك.
5 / 5