Explication du poème Dalya par Al-Kaludhani
شرح القصيدة الدالية للكلوذاني
Maison d'édition
دار ابن الجوزي
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Genres
فأشار الناظم ﵀ في هذا البيت إلى البرهان العقلي على أنَّ أفعال العباد مخلوقةٌ لله ﷿، وواقعةٌ بإرادتِه، أفعالُهم كلُّها، طاعتُهم، ومعاصيهم، وإيمانُهم، وكفرُهم، كلُّ ذلك واقعٌ بمشيئةِ الله وقدرتِهِ وتدبيرِهِ الحكيم فله الحكمة البالغة في كل ما يُقَدِّرُه ويَقْضِيهِ.
وقوله: «سُبْحَانَه عَنْ أَنْ يُعَجِّزَهُ الرَّدِي» لعله يريد بـ «الرَّدِي» الكافر مثَلًا؛ لأن مقتضى كلام المعتزلة -كما تقدم- أنَّ الله شاء من الكافر الإيمان، وشاء هو الكفر، فَغَلَبَت مشيئةُ الكافرِ مشيئةَ الله، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، بل الله تعالى يضلُّ مَن يشاء ويهدي مَن يشاء، ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)﴾ [الشمس: ٧ - ٨].
وينبغي أن يُعلَم أنَّ مشئيةَ اللهِ للكفرِ والمعاصي مع بغضه لها وكراهتها راجعٌ إلى حكمته البالغة، وهذا هو الجاري على مذهب أهل السنة، فإنهم يُثبِتُون عموم المشيئة، ويثبتون الأمر والنهي، وأنَّه تعالى إنما يأمر بما يُحِبُّ ويَرضى، وينهى عن كلِّ ما يُسْخِطُه ويُبْغِضُه، وأنَّه سبحانه حكيمٌ في شرعه وقَدَرِه، وبهذا يَخْلُص مذهب أهل السنة عن كلِّ باطلٍ تضمنته مذاهب المخالفين لهم من الجبرية والمعتزلة والأشاعرة.
قال الناظمُ ﵀:
٣٠. قَالُوا: فَمَا الإِيمانُ؟ قُلتُ مُجَاوِبًَا: ... عَمَلٌ وَتَصْدِيقٌ بِغَيرِ تَبَلُّدِ (١)
انتقل الناظم ﵀ في هذا البيت إلى مسألةٍ أخرى من مسائل الاعتقاد وهي مسألة: «الإيمان».
(١) قوله: «عَمَلٌ وَتَصْدِقٌ» بالرفع، وهو الصحيح، وهو خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ، تقديره: (الإيمانُ عملٌ وتصديقٌ)، وأما ما وقع في بعض النسخ: (عَمَلًا وَتَصْدِقًا) بالنصب، فلا وجه له كما أفاده الشارح، وقوله: «بِغَيرِ تَبَلُّدِ» وقع في بعض النسخ: (بِغَيرِ تَرَدُّدِ) ومعناهما واحد.
1 / 96