شرح كتاب التوحيد لابن خزيمة - محمد حسن عبد الغفار
شرح كتاب التوحيد لابن خزيمة - محمد حسن عبد الغفار
Genres
خلق الله تعالى للمعاصي والشرور
هنا مسألة في القدر وهي: هل المعاصي خلقها الله أم لم يخلقها؟
الجواب
الله خلقها، فهو خالق كل شيء، لكن الشر لا ينسب إليه، كما قال النبي ﷺ: (والشر ليس إليك) أي: لا ينسب الشر إليك بحال من الأحوال؛ تأدبًا مع الله، فالذي يمرض والذي يشفي هو الله سبحانه، لكن انظر إلى التأدب مع الله من نبيه إبراهيم ﵇ حيث قال: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ﴾ [الشعراء:٨٠] فأضاف المرض إلى نفسه؛ لأن الله هو الذي خلق فيه المرض، ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ [الشعراء:٨٠] تأدبًا مع الله فلا تنسبه إلى لله مع أن الله جل وعلا هو الذي خلقه وأوجده.
والله لم يخلق شرًا محضًا، لكن خلق الشر نسبيًا إضافيًا، فهو يضاف إلى المخلوق لا إلى الخالق.
إذًا: يكتنف الشر فعلان: فعل الله وفعل العبد، فأما بالنسبة لله فكل أفعال الله جل وعلا كمال، وهي خارجة عن صفات كمال وأسماء حسنى، فكل فعل الله جل وعلا ممدوح، وكل فعل لله جل وعلا خير، وأما بالنسبة للعبد فهو على حسب فعله إن كان معصية أو كان طاعة.
فمثال ذلك: أن الله جل وعلا خلق زيدًا، فذهب زيد فشرب الخمر، فالله خلق فيه هذا الفعل، فإذا نسبته إلى الله جل وعلا فإنك ستنسبه إليه خلقًا وإيجادًا، وستنسبه إلى العبد فعلًا واكتسابًا فهو الذي شرب الخمر.
2 / 15