شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
Genres
تسمية العلماء: (أهل النظر) اصطلاح حادث
وأما التعبير بلفظ النظر، فالنظر الذي ذكر في القرآن لم يوصف به أهل الإيمان في سائر الموارد، وإنما ذكر الله ﷾ النظر في مقام الإثبات لبعض مقامات الربوبية أو بعض مقامات الألوهية، ومنه قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الأعراف:١٨٥].
وكأن مراد المصنف بلفظ النظر، ليس اللفظ المذكور في القرآن، وإنما مراده بأهل النظر من اشتغل بهذا الوجه من التحصيل والاستدلال، وهذا المصطلح على هذا المعنى أضيف لكثير من علماء الكلام، والمتكلمون يسمون (أهل الكلام) ويسمون (النظار)، وإن كان مصطلح النظار أوسع من مصطلح المتكلمين، ولهذا يضاف إلى النظار كثيرٌ من الفقهاء، وكثيرٌ من الأصوليين إذ هم من اشتغلوا بالدلائل النظرية.
بخلاف المتكلمين، فهم من اشتغلوا بالدلائل الكلامية، فسائر المتكلمين يسمون نظارًا ولا يلزم أن سائر النظار يسمون متكلمين، ومع هذا فإن الأصل أن هذا الإطلاق لم يكن معروفًا في كلام الأئمة إلا بعد حدوث الفرق والأهواء ولاسيما بعد ظهور علم الكلام، فإن هذه التسمية لم تكن مضافة لأئمة السنة والجماعة في مرحلةٍ من مراحل التاريخ، إنما كانوا يعرفون بأهل الحديث، أو يعرفون بالفقهاء أو نحو ذلك من الأسماء المأثورة.
وأما (أهل النظر) فإنه من الأسماء المحدثة إذا أضيفت على هذا الوجه، ولو قال قائل: إن (أهل النظر) يفسر بما ذُكر على معنى النظر في القرآن، فيقال: حتى على هذا الوجه ليس مأثورًا، وما كان الصحابة يسمون أهل النظر ولا يسمون نظارًا، وإنما غلب هذا الاسم على من اشتغل بعلم الكلام أو انتحل شيئًا من طرقه.
29 / 4