240

شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص

شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص

Genres

العلاقة بين الإسلام والإيمان من قال إن النبي فسر الإيمان بالأعمال الباطنة، وهذا يدل على أن العمل ليس داخلًا في مسمى الإيمان، قيل: هذا غلط من وجهين: الوجه الأول: أن النبي ﷺ ذكر هذا في مقام ذكر الإسلام معه، فإن هذا جاء في حديث جبريل، وإذا ذُكر الإيمان والإسلام، ذكر الإيمان بأخص مقاماته، وهو القلب، وتقدم أن من أصول السلف أن الإيمان أصله في القلب، ولما ذكر الإسلام معه جعل الإسلام في الأعمال الظاهرة، لأن المنافق يسمى مسلمًا، ولهذا لما ذكر الإيمان وحده في حديث عبد القيس ولم يذكر معه الإسلام، فسر الإيمان بالأعمال الظاهرة، ولما ذكر الله سبحانه الإيمان وحده ولم يذكر معه الإسلام، ذكره ﷾ بأعمال باطنة وأعمال ظاهرة، كقوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال:٢]، وهذه كلها مقامات قلبية، ثم قال: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ [الأنفال:٣] فجعل ﷾ الأعمال الظاهرة والأعمال الباطنة من الإيمان. الوجه الثاني: أن يقال: إن الإيمان المذكور في حديث جبريل وهو ما ذكره المصنف هنا، يستلزم الأعمال الظاهرة، فإن من الإيمان بالله إقام الصلاة، بإجماع المسلمين. وكل أصل من هذه الأصول الستة يتضمن أو يستلزم الأعمال الظاهرة، فإن من صلى فقيل له: لِمَ صليت؟ فقال: إيمانًا بالله، فإن قوله صواب بالإجماع، وكذلك من صلى وقال: إنما صليت استجابة لكتاب الله؛ لأن الله أمر بإقام الصلاة، وكذلك من صام وقال: إنما صمت استجابة لكتاب الله؛ لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة:١٨٣]، ومن أماط الأذى عن الطريق وقال: إنما فعلته استجابة لرسول الله ﷺ، فإنه يدخل في الإيمان بالنبي ﷺ؛ لأن الاستجابة فرع عن الإيمان، وكذلك سائر الأعمال الظاهرة.

21 / 8