شرح المحرر في الحديث - عبد المحسن العباد
شرح المحرر في الحديث - عبد المحسن العباد
Genres
٢١ - وَعَن عمرَان بن حُصَيْن ﵄ " أَن النَّبِي ﷺ َ وَأَصْحَابه توضأوا من مزادة امْرَأَة مُشركَة " مُتَّفق عَلَيْهِ، وَهُوَ مُخْتَصر من حَدِيث طَوِيل.
ثم ذكر هذا الحديث الذي فيه أن الرسول ﷺ توضأ من مزادة امرأة مشركة والمزادة هي الراوية التي يكون فيها الماء من الجلود والرسول ﷺ كان هو وأصحابه في سفر ونقص وقل عندهم الماء واحتاجوا إليه فأرسل رسول الله ﷺ بعض أصحابه ليبحثوا عن ماء فوجدوا امرأة على راحلة وعليها مزادتان وهي راكبة على بعيرها فسألوها عن المكان الذي فيه الماء فأخبرتهم بأنه بعيد فأمروها أن تمشي معهم إلى رسول الله ﷺ وقالوا اذهبي معنا إلى رسول الله ﷺ فقالت أهو الصابئ؟ يعني الذي رجع عن دين قومه واتخذ دينا غير دين قومه، ما قالوا نعم هو الصابئ إنما قالوا هو الذي تعنين هو الذي تريدين لأنها تعني رسول الله ﷺ فذهبوا بها فأخذ المزادتين وأفرغ منهما من الماء يعني ملؤوا أوعيتهم التي معهم والتي يحتاجون فيها إلى الماء وأغلقهما رسول الله ﷺ وهما على حالتهما لم ينقص منهما شيء مملوءتان وحصلت هذه البركة بما حصل بمماسة رسول الله ﷺ يعني لهذا الماء الذي حصل تكثيره ببركة ملامسة الرسول ﷺ إياه ثم إنهم جمعوا لها أنواع الأطعمة التي معهم وأعطوها إياها فذهبت إلى قومها وقالت لهم إني جئتكم من أسحر الناس أو أنه رسول كما يقول أصحابه ثم إنها أسلمت وأسلم قومها معها، والحاصل أن الرسول ﷺ توضأ من مزادة امرأة مشركة وهذا يدلنا على أن ما لامسه الكفار من الماء أو أن أجساد الكفار الأصل فيها أنها طاهرة مالم يكن عليها نجاسة لأن جسد الكافر ليس نجسا لأن نجاسة الكافر معنوية وليست حسية إلا إذا كان على جسده شيء من النجاسات فإن النجاسة لهذا الذي على جسده وأما لو لمس إنسان جسده أو مست يده جسد كافر فإنه لا يقال لمس نجاسة تحتاج إلى غسل ثم أيضا فيه دليل على أن الجلود تطهر بالدباغ وذلك
أن هذه الجلود التي فيها هذا الماء كانت مدبوغة ومعلوم أن تذكية المشركين أنها غير شرعية فالمذكى منه يعتبر ميتة المشرك إذا ذكى فما يذكيه يكون ميتة فلو ذبح شاة أو ناقة فإنه لا يحل أكلها لأنها ذبيحة كافر ذبيحة مشرك بخلاف اليهود والنصارى فإن ذبائحهم تؤكل إذا ذبحوها لأنهم أهل كتاب وأما المشركون الذين هم عباد الأوثان فهذا لا تحل ذبائحهم وما يذكونه في حكم الميتة وهذه الجلود التي
دبغت هي مما ذكوه فتعتبر في حكم الميتة ومعلوم أن الميتة وهي مما يباح أكله من الإبل والبقر والغنم أنه يطهرها الدباغ.
1 / 30