165

Explanation of Al-Hamawiyyah - Yusuf Al-Ghafis

شرح الحموية - يوسف الغفيص

Genres

ضرورة التفريق بين حكم المقولة وبين حكم قائلها مما ينبه إليه هنا أنه ينبغي لطالب العلم ولا سيما الناظر في مسائل الاعتقاد واختلاف الإسلاميين أن يعي أن تقرير المقالة بقوة وأنها مخالفة للسلف أو مخالفة للكتاب والسنة حتى لو قال: إن المقالة كفرية إذا كانت كذلك في الشرع. فإن هذا لا يعني أن يكون الأخذ بنفس القوة لأصحابها، فإن هناك فرقًا بين المقالة وبين قائلها، فأنت تأخذ المقالة بقوة، لكن إذا جئت إلى صاحبها فكذلك يجب أن تلتزم بلوازم الشرع وتأخذها بقوة، أي: تأخذ بالقوة الشرعية التي هي العدل الشرعي. ولهذا كان جواب شيخ الإسلام على هذا السؤال أن قال: أنا أقول: من اعتقد هذا الاعتقاد -يعني: الذي كتبه في الواسطية- فإنه يكون ناجيًا عند الله؛ لأنه الاعتقاد المذكور في القرآن والحديث، وأنا أنذر من خالفه ثلاث سنين أن يأتوا بجملة من الكتاب أو السنة أو كلام أئمة السلف -الأئمة الأربعة أو غيرهم- مخالفة لما ذكرت. ثم قال: وأما من لم يعتقد هذا الاعتقاد وإنما اعتقد في بعضه -غلط في بعض- كما وقع فيه أئمة الأشعرية وغيرهم فإن هذا لا يقال فيه: إنه يكون ممن هم في النار. بل هذا أمره إلى الله. وهذا الحكم يناء على أصل ذكره في درء التعارض وغيره، وهو: أن كل من أراد الحق واجتهد في طلبه من جهة الرسول فأخطأه فإن خطأه مغفور له. فالشرط الأول: أنه أراد الحق. الشرط الثاني: أنه اجتهد في طلبه. الشرط الثالث: من جهة الرسول لا من جهة قائله: فأخطأ فإن خطأه مغفور له. أي: من اجتمعت فيه الشروط الثلاثة. فالشرط الأول: وهو أن يكون مراده الحق. فإذا ترك هذا كان كافرًا؛ فإن من أراد الباطل في صفات الله يكون كافرًا، وكثير من أهل البدع كما يقول شيخ الإسلام: وأهل القبلة المخالفون للسلف في هذا الباب هم في الجملة مريدون للحق وإن كانت إرادتهم يدخلها شيء من التقصير والقصور. كإرادة نصرة المذهب، والعناية بالانتصار للأصحاب، وهذا نقص في الإخلاص والإرادة. قوله: واجتهد في طلبه. يقول: هم في الجملة مقصرون في الاجتهاد في طلب الحق. فمن أعرض عن أخذ الهدى من القرآن إعراضًا فإنه يكون كافرًا، لكن لو قصر في طلبه فإنه يكون ظالمًا لنفسه. وقوله: من جهة الرسول أي أن الخطأ يغفر إذا كان الاجتهاد يرجع إلى القرآن والسنة، أما إذا كان أعرض عن الكتاب والسنة واتخذ العلوم الفلسفية منهجًا له -كما هي طريقة أبي يعقوب السجستاني وأمثاله من غلاة الباطنية- فإن هذا لا يصار فيه إلى هذا الكلام. ولهذا لا يتوهم متوهم فيقول -مثلًا-: بعض النصارى الآن يظنون أنهم على الحق. فيقال: لأنهم لم يجتهدوا فيه من جهة النبي ﵌، ولم يريدوا الحق إرادةً صحيحة، بل مقصودهم الانتصار لدينهم، وهم يعرفون ما فيه من الآيات الدالة على تعدد النبوة بعدهم، أي: ليس في دين النصارى ولا في دين اليهود أن دينهم خاتم الأديان، بل فيه تصريح بذكر النبوات بعدهم.

12 / 7