89

شرح العقيدة الواسطية للهراس

شرح العقيدة الواسطية للهراس

Maison d'édition

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤١٥ هـ

Lieu d'édition

الخبر

Genres

والسَّخْط، والمَقْت، والأَسَف. وَهِيَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ صِفَاتٌ حَقِيقِيَّةٌ لِلَّهِ ﷿، عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَلَا تُشْبِهُ مَا يَتَّصِفُ بِهِ الْمَخْلُوقُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا مَا يَلْزَمُ فِي الْمَخْلُوقِ. فَلَا حُجَّةَ لِلْأَشَاعِرَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ عَلَى نَفْيِهَا، وَلَكِنَّهُمْ ظنُّوا أَنَّ اتِّصَافَ اللَّهِ ﷿ بِهَا يَلْزَمُهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الصِّفَاتُ فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا هِيَ فِي الْمَخْلُوقِ، وَهَذَا الظنُّ الَّذِي ظَنُّوهُ فِي رَبِّهِمْ أَرْدَاهُمْ فَأَوْقَعَهُمْ فِي حَمْأَةِ النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ. وَالْأَشَاعِرَةُ يُرْجعون هَذِهِ الصِّفَاتِ كُلِّهَا إِلَى الْإِرَادَةِ؛ كَمَا عَلِمْتَ سَابِقًا، فَالرِّضَا عِنْدَهُمْ إِرَادَةُ الثَّوَابِ، وَالْغَضَبُ وَالسَّخَطُ.. إِلَخْ إِرَادَةُ الْعِقَابِ. وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ؛ فَيُرْجِعُونَهَا إِلَى نَفْسِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ﴾ إخبارٌ عمَّا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلِيَائِهِ مِنْ تَبَادُلِ الرِّضَا وَالْمَحَبَّةِ. أَمَّا رِضَاهُ عَنْهُمْ؛ فَهُوَ أَعْظَمُ وأجلُّ مِنْ كُلِّ مَا أُعطوا مِنَ النَّعِيمِ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ (١) . وَأَمَّا رِضَاهُمْ عَنْهُ؛ فَهُوَ رِضَا كُلٍّ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَتِهِ مَهْمَا كَانَ، وَسُرُورُهُ بِهَا؛ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ أحدٌ خَيْرًا ممَّا أُوتي، وَذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا﴾ الْآيَةَ؛ فَقَدِ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ:

(١) التوبة: (٧٢) .

1 / 109