175

شرح العقيدة الواسطية للهراس

شرح العقيدة الواسطية للهراس

Maison d'édition

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤١٥ هـ

Lieu d'édition

الخبر

Genres

ـ[الظُّنُونِ الْكَاذِبَةِ؛ مِثْلِ أَنْ يُظَنَّ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: ﴿في السَّمَاء﴾؛ أَنَّ السَّمَاءَ تُظِلُّهُ أَوْ تُقِلُّهُ، وَهَذَا بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالإِيمَانِ؛ فَإنَّ اللهَ قَدْ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَهُوَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولاَ، وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ؛ إلاَّ بِإِذْنِهِ، وَمَنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ) .]ـ
/ش/ قَوْلُهُ: «وَقَدْ دَخَلَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِيمَانِ ...» إلخ. صرَّح المؤلِّف هُنَا بِمَسْأَلَةِ علوِّ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنًا مِنْ خَلْقِهِ؛ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، وَكَمَا تَوَاتَرَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِهِ، وَكَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَكْمَلُهَا عِلْمًا وَإِيمَانًا، مؤكِّدًا بِذَلِكَ مَا سَبَقَ أَنْ ذَكَرَهُ فِي هَذَا الصَّدَدِ، ومشدِّدًا النَّكِيرَ عَلَى مَن أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ ومَن تَبِعَهُمْ مِنَ الْأَشَاعِرَةِ.
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ اسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ لَا يُنَافِي معيَّته وَقُرْبَهُ مِنْ خَلْقِهِ؛ فَإِنَّ المعيَّة لَيْسَ مَعْنَاهَا الِاخْتِلَاطَ وَالْمُجَاوَرَةَ الحسيَّة.
وَضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا بِالْقَمَرِ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ مَعَ الْمُسَافِرِ وَغَيْرِهِ أَيْنَمَا كَانَ؛ بِظُهُورِهِ وَاتِّصَالِ نُورِهِ، فَإِذَا جَازَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَمَرِ، وَهُوَ مِنْ أَصْغَرِ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ؛ أَفَلَا يَجُوزُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّطِيفِ الْخَبِيرِ الَّذِي أَحَاطَ بِعِبَادِهِ عِلْمًا وَقُدْرَةً، وَالَّذِي هُوَ شهيدٌ مطَّلع عَلَيْهِمْ، يَسْمَعُهُمْ، وَيَرَاهُمْ، وَيَعْلَمُ سرَّهم وَنَجْوَاهُمْ، بَلِ الْعَالَمُ كُلُّهُ سَمَاوَاتُهُ وَأَرْضُهُ مِنَ الْعَرْشِ

1 / 195