171

شرح العقيدة الواسطية للهراس

شرح العقيدة الواسطية للهراس

Maison d'édition

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤١٥ هـ

Lieu d'édition

الخبر

Genres

وَمُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابَهُمَا، واستحلُّوا مِنْهُمْ مَا يستحلُّون مِنَ الْكُفَّارِ.
وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ؛ فَقَالُوا: إِنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْكُفْرِ؛ فَهُوَ بِمَنْزِلَةٍ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ، وَهَذَا أَحَدُ الْأُصُولِ الَّتِي قَامَ عَلَيْهَا مَذْهَبُ الِاعْتِزَالِ.
واتَّفق الْفَرِيقَانِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ مَن مَاتَ عَلَى كَبِيرَةٍ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا فَهُوَ مخلَّد فِي النَّارِ.
فَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ بَيْنَهُمَا فِي أَمْرَيْنِ:
١- نَفْيُ الْإِيمَانِ عَنْ مُرْتِكِبِ الْكَبِيرَةِ.
٢- خُلُودُهُ فِي النَّارِ مَعَ الْكُفَّارِ.
وَوَقَعَ الْخِلَافُ أَيْضًا فِي مَوْضِعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تَسْمِيَتُهُ كَافِرًا.
وَالثَّانِي: اسْتِحْلَالُ دَمِهِ وَمَالِهِ، وَهُوَ الْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ.
وَأَمَّا الْمُرْجِئَةُ؛ فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ مَذْهَبِهِمْ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ مَعْصِيَةٌ؛ فَمُرْتَكِبُ الْكَبِيرَةِ عِنْدَهُمْ مؤمنٌ كَامِلُ الْإِيمَانِ، وَلَا يستحقُّ دُخُولَ النَّارِ.
فَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وسطٌ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ؛ فَمُرْتَكِبُ الْكَبِيرَةِ عِنْدَهُمْ مؤمنٌ نَاقِصُ الْإِيمَانِ، قَدْ نَقَصَ مِنْ إِيمَانِهِ بِقَدْرِ مَا ارْتَكَبَ مِنْ مَعْصِيَةٍ، فَلَا يَنْفُونَ عَنْهُ الْإِيمَانَ أَصْلًا؛ كَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَلَا يَقُولُونَ بِأَنَّهُ كَامِلُ الْإِيمَانِ؛ كَالْمُرْجِئَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ. وَحُكْمُهُ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ قَدْ يَعْفُو اللَّهُ ﷿ عَنْهُ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ ابْتِدَاءً، أَوْ يعذِّبه بِقَدْرِ مَعْصِيَتِهِ، ثُمَّ يُخْرِجُهُ وَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ كَمَا سَبَقَ، وَهَذَا الْحُكْمُ أَيْضًا وَسَطٌ بَيْنَ مَن يَقُولُ

1 / 191