شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح
شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح
Genres
اعتقاد تقدير الله ﷿ لأقدار خلقه وآجالهم
ثم قال: [وقدر لهم أقدارًا] تقدم أن الله ﷾ عالم بخلقه، وأنه خلقهم بعلمه، فعلمه محيط بخلقه جل وعلا، فهو محيط بكل شيء، وعالم بكل شيء، ثم أتى هنا إلى تقرير أنه ما من شيء إلا بقدر فقال: (وقدر لهم أقدارًا) قدر لهذا الخلق الذي خلقه أقدارًا، فالله جل وعلا خلق كل شيء بقدر كما قال ﷾: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر:٤٩]، فما من شيء إلا وسبق به تقدير رب العالمين، فلا يخرج شيء مما يكون عن تقدير الله جل وعلا العليم القدير، فالعباد كلهم أحاطت بهم قدرة الله جل وعلا.
قال الله ﷾ في بيان إحاطة تقديره بخلقه: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر:٤٩] ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد:٨]، ﴿قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق:٣]، وما إلى ذلك من الآيات التي لا تحصر في إثبات أن الله جل وعلا قدر لخلقه أقدارًا.
ثم قال ﵀: [وضرب لهم آجالًا]، (ضرب) أي: حدد (لهم آجالًا) أي: مددًا مضروبة، فكل عباده لا يتجاوزون ما قدره الله جل وعلا من الآجال، بل هي آجال محتومة، وآجال مقدرة، وقد دل على هذا كتاب الله جل وعلا، ودلت على ذلك السنة، دليل الكتاب قوله تعالى: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ [الرعد:٣٨]، ومن السنة قول النبي صلى الله وعليه وسلم: (إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) .
فالله جل وعلا قدر لخلقه الأقدار، وبينها ووضحها وكتبها وأثبتها، فلا يخرج شيء عن قدره، ومن تمام تقديره أن ضرب لهم آجالًا.
4 / 5