شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح
شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح
Genres
اعتقاد أن الله مميت لخلقه دون خشية منازعتهم له، باعث لهم بعد ذلك دون مشقة
ثم قال: [مميت بلا مخافة] لما ذكر الخلق جل وعلا ذكر الإماتة، وذلك أن من تمام الإيمان بالله ﷿ أن يؤمن العبد بأنه المحيي، المميت، الخالق، الباعث.
قال ﵀: (مميت بلا مخافة) أي: أنه ﷾ قضى بالموت على كل حي، وأذل به قوة الأقوياء جل وعلا، فإنه ﷾ كتب الموت على كل خلقه، فلا أحد من خلقه من الناس سالم من الموت، بل قد جعل الله جل وعلا الموت لكل نفس: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران:١٨٥]، لكن هذا الموت ليس عن خوف من منازعة المخلوق بل هو من تمام قدرته وقوته، واقتداره على خلقه؛ لأن الإنسان قد يميت شخصًا مخافة أن ينازعه في الملك، أو أن ينزع منه شيئًا مما هو له من الصفات أو من الملك أو من غير ذلك، فالله جل وعلا مميت بلا مخافة، وهذه الصفات لله ﷿ بعضها يستفاد من الاسم كما دل عليه الكتاب والسنة في مثل الخالق، فقد جاء هذا الاسم لله ﷿، وكذلك الرازق ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات:٥٨]، أما المميت فإنه لم يثبت تسمية الله تعالى به في الكتاب ولا في السنة، فليس من أسمائه ﷾، وجاء ذلك في حديث أبي هريرة الذي فيه ذكر الأسماء لكنه لم يثبت، والحديث معلوم أنه لا يصح عند أئمة الحديث والعلماء بهذا الشأن.
يقول ﵀: [باعث بلا مشقة]، بعد أن ذكر الإماتة ذكر البعث؛ وذلك أنه من تمام الإيمان بربوبية الله جل وعلا الإيمان بأنه باعث يبعث الخلق، والبعث: هو الإحياء بعد الإماتة، وهذا عام لكل من فيه حياة، فإن كل من فيه حياة يبعثه الله جل وعلا، ويحشره يوم القيامة ويبعثه بلا مشقة، كما قال الله جل وعلا: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [يس:٧٩]، وكما قال ﷾: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان:٢٨]، وهذا يدل على سهولته ويسره على رب العالمين، وأنه جل وعلا لا مشقة عليه في الخلق، قال ﷾: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم:٢٧]، فلا مشقة في بعث الخلق كلهم، إنسهم وجنهم، دوابهم وطيورهم، ما في البحر وما في البر، كلهم يبعثهم الله ﷿، ثم يحشرهم يوم القيامة، كل أمة تأتي في موقف عظيم مهول تشيب له رءوس الولدان.
3 / 5