212

شرح العقيدة الواسطية للعثيمين

شرح العقيدة الواسطية للعثيمين

Maison d'édition

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

السادسة

Année de publication

١٤٢١ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

وقوله: ﴿مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللَّهِ﴾: ﴿مَا﴾: يحتمل أن تكون موصولة، ويحتمل أن تكون شرطية: فإن جعلتها موصولة، فهي خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: هذا ما شاء الله، أي: ليس هذا بإرادتي وحولي وقوتي، ولكنه بمشيئة الله، أي: هذا الذي شاءه الله. وإن جعلتها شرطية، ففعل الشرط ﴿شَاءَ﴾، وجوابه محذوف، والتقدير: ما شاء الله كان، كما نقول: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. والمراد: كان ينبغي لك أن تقول حين دخلت جنتك: ﴿مَا شَاءَ اللَّهُ﴾، لتتبرأ من حولك وقوتك لا تعجب بجنتك.
وقوله: ﴿لاَ قُوَّةَ إِلاّ بِاللَّهِ﴾: ﴿لا﴾: نافية للجنس. و﴿قُوَّةَ﴾: نكرة في سياق النفي، فتعم، والقوة صفة يتمكن بها الفاعل من فعل ما يريد بدون ضعف.
فإن قيل: ما الجمع بين عموم نفي القوة إلا باله، وبين قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً﴾ [الروم: ٥٤]، وقال عن عاد: ﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ [فصلت: ١٥]، ولم يقل: لا قوة فيهم، فأثبت للإنسان قوة.
فالجواب: أن الجمع بأحد الوجهين:
الأول: أن القوة التي في المخلوق كانت من الله ﷿، فلولا أن الله أعطاه القوة، لم يكون قويًا، فالقوة التي عند الإنسان مخلوقة لله، فلا قوة في الحقيقة إلا بالله.

1 / 214