وقوله: "سورة الإخلاص": إخلاص الشيء، بمعنى: تنقيته، يعني: التي نقيت ولم يشبهها شيء وسميت بذلك، قيل: لأنها تتضمن الإخلاص لله ﷿، وأن من آمن بها، فهو مخلص فتكون بمعنى مخلصة لقارئها، أي أن الإنسان إذا قرأها مؤمنًا بها، فقد أخلص لله ﷿ وقيل لأنها مخلصة - بفتح اللام ـ، لأن الله تعالى أخلصها لنفسه، فلم يذكر فيها شيئًا من الأحكام ولا شيئًا من الأخبار عن غيره، بل هي أخبار خاصة بالله والوجهان صحيحان، ولا منافاة بينهما.
وقوله: "التي تعدل ثلث القرآن": الدليل قول النبي ﵊ لأصحابه: "أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلية؟ ". فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: "الله الواحد الصمد ثلث القرآن" (١).
فهذه السورة تعدل ثلث القرآن في الجزاء لا في الإجزاء، وذلك كما ثبت عن النبي ﷺ أن: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرات فكأنما أعتق أربع أنفس من بني إسماعيل" (٢)، فهل يجزئ ذلك عن إعتاق أربع رقاب ممن وجب عليه ذلك وقال
(١) رواه البخاري (٥٠١٥) عن أبي سعيد الخدري ﵁ في كتاب فضائل القرآن/ باب فضل ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾. ومسلم (٨١١) عن أبي الدرداء ﵁ في كتاب صلاة المسافرين/ باب فضل قراءة قل هو الله أحد.
(٢) رواه البخاري (٦٤٠٤) كتاب الدعوات/ باب فضل التهليل. ومسلم (٢٦٩٣) عن أبي أيوب الأنصاري ﵁ في كتاب الذكر والدعاء/ باب فضل التهليل.