151

Excellence of the Lord of Creation in Explaining the Brilliant Pearls

فضل رب البرية في شرح الدرر البهية

Genres

قال ﵀: (والَمشْيُ معها والحَمْلُ لها سُنَّةٌ) المشي معها سنة، لأن النبي ﷺ كان يمشي هو وأصحابه مع الجنائز (١)، بل قال ﷺ: «من اتَّبَعَ جِنَازةَ مسلم إيمانًا واحتسابًا وكان معه حتى يُصلى عليها ويَفْرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أُحُدٍ ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تُدفَن فإنه يرجع بقيراط» (٢). فالمشي معها سنة وأجرها عظيم. وحَمْلُها كذلك سنة، لقوله ﵇: «أسرعوا بالجنائز فان كانت صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم» (٣). فقوله: «فشرٌّ تضعونه عن رقابكم» دليل على الحمل على الرقاب. وفي رواية عند البخاري (٤): «إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني ...»، فهذا يدل على سنية حملها على الرقاب. وأجمع العلماء على أن حمل الجنازة فرض على الكفاية (٥). وقد سبق وقلنا الفرض فرضان، فرض كفاية وفرض عين، ففرض العين هو الذي يجب على كل مسلم بعينه أن يعمل العمل، وأما الفرض الكفائي فهو واجب على الأمة ككل، فإذا قام به البعض سقط عن الباقين، فالعمل لا يُطلب من كل شخص ولكن يُطلب أن يُعَمل ولابد أن يُعمل، فإذا عمله البعض سقط عن الباقين، وإذا لم يعمله أحد أثِم كل من علم به ولم يفعله. ولعل المؤلف يشير أيضًا إلى حديث ابن مسعود: «من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها فإنه من السنة ثم إن شاء فليتطوع وإن شاء فليَدع» (٦).

(١) أخرجه أحمد (٨/ ١٣٧)، وأبو داود (٣١٧٩)، والترمذي (١٠٠٧)، والنسائي (١٩٤٤)، وابن ماجه (١٤٨٢). (٢) أخرجه البخاري (٤٧)، ومسلم (٩٤٥). (٣) تقدم تخريجه. (٤) (١٣١٤) عن أبي سعيد الخدري ﵁. (٥) انظر «المجموع» للنووي (٥/ ٢٧٠)، و«شرح منتهى الإرادات» للبهوتي (١/ ٣٦٨). (٦) أخرجه ابن ماجه (١٤٧٨)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (٢/ ٤٨١)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (٣/ ٥١٢) وغيرهم.

1 / 151