279

Encyclopedia of Scientific Miracles in the Quran and Sunnah

موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

Maison d'édition

دار المكتبي-سورية-دمشق-الحلبوني

Édition

الثانية ١٤٢٦ هـ

Année de publication

٢٠٠٥ م.

Lieu d'édition

جادة ابن سينا.

Genres

إنّ أحداثَ الإسراءِ والمعراجِ من الزاويةِ العلميّةِ ممْكنةٌ عقلًا، وغيرُ ممْكنةٍ عادةً، والناسُ أحيانًا يخْلطون بين العادةِ والعقلِ، فهؤلاء الذين ما عرفوا الله، وما عرفوا قدرتهُ، وما عرفوا معنى قولِه تعالى: ﴿كُن فَيَكُونُ﴾، وما عرفوا أنّ الزمانَ مِن خلقِهِ، وقد يُلغى، وأنّ المكانَ مِن خلقهِ، وقد يُلغى، ما عرفوا هذه الحقيقةَ، أحيانًا ينْكرون أنْ يقعَ الإسراءُ والمعراجُ، وبعضُهم يقرُّ بالإسراءِ، وينكرُ المعراجَ، وكلاهما ثابتٌ، لأنّ هذا الكونِ بِرُمّتِه، وبِمَجرّاتِه، وبكلّ أفلاكِه، وبأرضِهِ وسمائِه وُجِدَ من عَدمٍ، فهلْ يستطيعُ عقلُك فهْمَ هذه القضيّةِ، كُنْ فَيَكُونُ، كان اللهُ، ولم يكن شيءٌ معه، فأيُّهما أعظمُ؛ أن يوجد هذا الكونُ كلُّه مِن عدَمٍ، أم أنْ ينتقلَ النبيُّ ﵊ بقُدرةِ الله، لا بقُدرته؟ فالفعلُ هنا (أسْرَى)، وليس (سَرَى)، الفعل (أسْرَى) مُتَعَدٍّ، طفلٌ صغير ضعيف، أيُعْقَلُ أنْ يصعدَ إلى قمّةِ جبلِ همالايا؟! لا يُعقلُ، ولكن إذا حُمِلَ، وأُخِذ، وصُعِدَ به، حينئذٍ يُعْقل، فربّنا ﷿ يقول: ﴿سُبْحَانَ الذى أسرى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: ١]، فهو انتقلَ بِقُدرةِ اللهِ مِن مكّةَ إلى بيتِ المقدسِ، وانتقلَ إلى السماءِ بقُدرة الله، إذًا فقدرةُ اللهِ لا يحُدّها شيءٌ، وهي تتعلّق بكلّ شيء، فالإسراءُ والمعراج ممكنٌ عقلًا، ممتَنِعٌ عادةً، ولم يأْلَف الناسُ ذلك وقْتَ النبيِّ ﷺ، أما الآن فقد انتقل الإنسانُ مِن الأرضِ إلى القمرِ في ثلاثة أيّام، وكانت سرعةُ مركبتِه أربعين ألف ميل في الساعة، فما كان مستحيلًا وقْت النبيِّ ﷺ أصبح الآن على يَدَيِ البشر ممكنًا، فكلّ شيءٍ ممكنٌ عقلًا، ولكنّه ليس ممكنًا عادةً، هذه النقطة قد تغيب عن أذهان بعض الناس، لكن أريد أن أُعقّب تعقيبًا قصيرًا، وهو أنّ الإنسان كلّما نما عقلهُ، وكلّما دقَّت مدركاتهُ يرى أنّ الكون بِوَضْعِهِ الراهن من دون خرْقٍ لِنَواميسه هو المعجزة، أليسَ الكونُ معجزةً؟

2 / 29