إنّ القرآنَ يخاطِبُ أناسًا يعتمدون السَّنَةَ القمَريةَ، حيث إنّ القمرَ يدورُ حولَ الأرضِ كلَّ شهرٍ دورةً، فلو قِسنا بُعْدَ مركزِه عن مركزِ الأرض، أي نصفَ قطرِ الدائرةِ التي هي مسارُ القمرِ حولَ الأرضِ، وحَسَبْنا محيطَ هذه الدائرةَ بَعْدَ معرفةِ نِصفِ قُطرِها، لَعَرَفْنا عددَ الكيلو مترات التي يقطعها القمرُ في دورته حولَ الأرض كلَّ شهر، ولو أخذْنا طولَ محيطِ هذه الدائرة، وضربْناه في اثني عشر شهرًا، لعرفنا المسافةَ التي يقطعُها القمرُ منَ الكيلومترات في رحلته حول الأرض في العامِ، ولو ضربناها في ألفٍ لعرَفْنا ما يقطعُه القمرُ في رحلتِه حولَ الأرضِ في ألفِ عامٍ، ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ﴾ [السجدة: ٥] .
إنّ القمرَ يقطعُ في ألفِ عامٍ ما يقطعه الضوءُ في يوم واحدٍ، بدليلِ أنّنا لو قَسمنا ما يقطعه القمرُ في رحلته حولَ الأرضِ في ألفِ عامٍ على ثواني اليومِ، وهي أربعٌ وعشرون ساعة، تُضرَب في ستين، ثم في ستين أخرى، لكانت هذه النتيجةُ هي سرعة الضوء في الثانية، وهي مئتان وتسعة وتسعون ألفًا وسبعمئة واثنانِ وتسعونَ كيلومترًا ونصف كيلومتر، وهذه النتيجةُ تتفقُ تمامًا مع سرعةِ الضوءِ المعلَنةِ دوليًا، طبقًا لبيانِ المؤتمرِ الدوليِّ المنعقدِ في باريس، مع العلمِ أنّ سرعةَ الضوءِ هي أهمُّ قانونٍ عرفتهُ البشريةُ في القرنِ العشرين، وهذه السرعةُ هي أعلى سرعةٍ في الكون، فالشيءُ إذَا سار بسرعةِ الضوءِ أصبحَ ضوءًا، وأصبحت كتلتُه صفرًا، وحجمُه لا نهاية له، وعندئذٍ يتوقفُ الزمنُ، فإذَا سبق في سرعتِه سرعةَ الضوءِ تراجع الزمنُ، وإذا قصَّرَ عن الضوءِ تراخَى الزمنُ.
إنّ المسافةَ التي يقطعُها القمرُ في مدارِه الخاصِّ حولَ الأرضِ في ألفِ سنةٍ قمريةٍ تساوِي المسافةَ التي يقطعُها الضوءُ في يومٍ أرضيٍّ واحدٍ، وهذه هي النظريةُ النسبية التي يتيهُ الغربُ بها.