186

Encyclopedia of Scientific Miracles in the Quran and Sunnah

موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

Maison d'édition

دار المكتبي-سورية-دمشق-الحلبوني

Numéro d'édition

الثانية ١٤٢٦ هـ

Année de publication

٢٠٠٥ م.

Lieu d'édition

جادة ابن سينا.

Genres

ولكلِّ شعرةٍ وريدٌ، وشريانٌ للتغذيةِ، وعضلةٌ للتحريكِ، تعملُ هذه العضلةُ في أثناءِ البردِ، ولكلّ شعرةٍ عصَبٌ يحرّكُها كي تنتصبَ، ولكلّ شعرةٍ غدّةٌ دهنيةٌ، وغدّةٌ صبغيّةٌ، ولا يعلمُ الباحثون حتى هذه الأيّامِ لماذا يصيرُ الشّعرُ أبيضَ؟! لكنّ بعضَهم يقولُ في أحدَث البحوثِ: "إنّ بياضَ الشّعرِ - الشَّيْبَ - منشؤُه عصبيٌّ، فالكرياتُ البيضُ تتسلّلُ إلى الشّعرةِ فتأكلُ صبْغَها الأسْودَ"، والشّيءُ القاطعُ أنّ الشّيبَ كما يقولُ العلماءُ: "آفةٌ جلديّةٌ ذاتُ منشأٍ عصبيٍّ انفعاليٍّ".
والقرآن الكريم ذكر هذه الحقيقة قبل أكثر مِن ألفٍ وخمسمئة عام، قال ﷿:
﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الولدان شِيبًا﴾ [المزمل: ١٧] .
فالشّيب منشؤُه خوفٌ انفعاليٌّ: فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵁: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ شِبْتَ، قَالَ: "شَيَّبَتْنِي هُودٌ، وَالْوَاقِعَةُ، وَالْمُرْسَلاَتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ".
شيّبتْهُ سورةُ هودٍ، ربما لآيةٍ فيها، وهي قوله تعالى: ﴿فاستقم كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [هود: ١١٢] .
ومع تقدّمِ العمرِ يُصابُ كلُّ إنسانٍ بالإرهاقِ العصبيِّ، وبِدَرجاتٍ متفاوتةٍ من الشّيبِ، قال تعالى: ﴿الله الذي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ العليم القدير﴾ [الروم: ٥٤] .
فالشّيبُ يلازمُ التقدّمَ في السنِّ غالبًا، وقد فسّرَ الإمامُ القرطبيُّ النذيرَ في قولِه سبحانه: ﴿وَجَآءَكُمُ النذير﴾ بأنّه الشَّيْبُ، وهو لفتُ نظرٍ لطيفٍ من اللهِ ﷿، أنْ يا عبدي اقتربَ اللّقاءُ، فماذا أعْددْتَ له؟! عبدي ضعُف بصرُك، وشابَ شعرُك، وانحنى ظهرُك، فاسْتحِ منّي، فأنا أستحيي منك.

1 / 185