343

Encyclopedia of Arab Speeches in the Glorious Ages

جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة

Maison d'édition

المكتبة العلمية بيروت

Lieu d'édition

لبنان

Genres

العجائب أن معاوية بن أبي سفيان الأموي، وعمرو بن العاص السهمي، أصبحا يحرضان الناس على طلب الدين بزعمهما، ولقد علمتم أني لم أخالف رسول الله صلى الله عليه وآله قط، ولم أعصه في أمر، أقيه بنفسي في المواطن التي ينكص١ فيها الأبطال وترعد فيها الفرائص٢، بنجدة أكرمني الله سبحانه بها وله الحمد، ولقد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن رأسه لفي حجري، ولقد وليت غسله بيدي وحدي تقلبه الملائكة المقربون معي، وايم الله ما اختلفت أمة قط بعد نبيها، إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها إلا ما شاء الله".
"شرح ابن أبي الحديد م ١: ص ٤٨١".

١ نكص عن الأمر: أحجم عنه.
٢ جمع فريصة، وهي لحمة بين الجنب والكتف لا تزال ترعد.
٢٣٣- خطبة أخرى له:
وروي أن الإمام عليًا قال في هذه الليلة: حتى متى لا نناهض القوم بأجمعنا؟ فقام في الناس فقال:
"الحمد لله الذي لا يبرم ما نقض، ولا ينقض ما أبرم، لو شاء ما اختلف اثنان من هذه الأمة، ولا من خلقه، ولا تنازع البشر في شيء من أمره، ولا جحد المفضول ذا الفضل فضله، وقد ساقتنا وهؤلاء القوم الأقدار، حتى لفت بيننا في هذا الموضع، ونحن من ربنا بمرأى ومسمع، ولو شاء لعجل النقمة، ولكان منه النصر، حتى يكذب الله الظالم، ويعلم المحق أين مصيره، ولكنه جعل الدنيا دارالأعمال، والآخرة دار الجزاء والقرار، ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ ألا إنكم لاقو العدوِّ غدًا إن شاء الله، فأطيلوا الليلة القيام، وأكثروا تلاوة القرآن، واسألوا الله الصبر والنصر، والقوهم بالحد والحزم وكونوا صادقين".
"شرح ابن أبي الحديد م ١ ص ٤٨١ وتاريخ الطبري ٦: ٧".

1 / 346