187

Dustur des savants

دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون

Maison d'édition

دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت

Numéro d'édition

الأولى، 1421هـ - 2000م

يجب حد واحد. وفائدته تظهر فيما لو زنى ثم زنى فحد يحد ثانيا. وأما لو تلا آية السجدة فسجد ثم تلا في ذلك المجلس تلك الآية لا يجب كذا في الكفاية. والسر في اعتبار التداخل في الأسباب في العبادات والتداخل في الأحكام في العقوبات دون العكس أمران.

الأمر الأول: أن التداخل في الأسباب في العبادات أنسب والتداخل في الأحكام في العقوبات أليق لأن التداخل في العبادات إذا اعتبر في الأحكام يفضي إلى عدم اتحاد الحكم بالنظر إلى التداخل والأحكام تتعدد بالنظر إلى الأسباب المتعددة لأن المفروض عدم التداخل في الأسباب فدارت الأحكام بين الاتحاد والتعدد لكن ينبغي أن تتعدد احتياطا فقلنا بالتداخل في الأسباب لئلا يلزم عدم الاحكام مع وجود الأسباب. والعقوبات متى دارت بين الثبوت والسقوط تسقط فقلنا بالتداخل في الأحكام لأن التداخل في الأحكام عند عدم المانع أليق وأجدر إذ الأحكام أمور حكمية تثبت بخلاف القياس لا حقيقية فاعتبارها واحدا غير مستبعد عند العقل بخلاف الأسباب فإنها أمور متعددة حسا كتعدد الزنا والسرقة.

والأمر الثاني: أن الاقتصار على السجدة الواحدة بعد وجوب أكثر منها لتعدد الأسباب تقليل عبادة المعبود وهو غير مناسب للعبد المخلوق للعبادة لقوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} . فاعتبرنا التداخل في الأسباب في العبادات كأنه لم يوجد إلا سبب واحد. والاقتصار على الحد الواحد بعد وجوب أكثر منه تقليل العقوبة وهو من باب الكرم والعفو اللائق بجنابه تعالى فاعتبرنا التداخل في الأحكام في العقوبات ليعلم كمال كرم الكريم وتمام عفو العفو المنان. مع كثرة الذنوب والعصيان. وتداخل العددين المختلفين أن يعد أي يفني أقلهما الأكثر يعني أنه إذا ألقى الأقل من الأكثر مرتين أو أكثر لم يبق من الأكثر شيء كالثلاثة والستة فإنك إذا ألقيت الثلاثة من الستة مرتين فنيت الستة بالكلية. وكذا إذا ألقيتها من التسعة ثلاث مرات انتفت التسعة بالمرات الثلاث. فهذان العددان يسميان بالمتداخلين اصطلاحا والنسبة بينهما نسبة التداخل. والاعتراض المشهور ها هنا مذكور في التباين مع الجواب. ثم اعلم أن المراد من التداخل في قول أرباب التصريف أن فضل يفضل وكاد يكاد من باب التداخل أن فضل يفضل كما جاء من باب نصر جاء أيضا من باب علم وكذا كاد يكاد كما جاء من باب كرم جاء من باب علم أيضا. فأخذ الماضي من أحدهما والمضارع من الآخر. والتداخل عندهم ليس مخصوصا بالكلمتين لأنه جاء في كلمة واحدة أيضا كما قالوا إن فعل بكسر الفاء وضم العين لم يجئ في الاسم وأما الحبك بكسر الفاء وضم العين فمحمول على التداخل يعني أنه مشهور بالكسرتين أو الضمتين. ثم المتكلم لما تلفظ بالحاء المكسورة من اللغة الأولى غفل عنها وتلفظ بالباء المضمومة من اللغة الثانية.

Page 193