108

Dustur des savants

دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون

Maison d'édition

دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت

Numéro d'édition

الأولى، 1421هـ - 2000م

لما اختلفوا في ثبوتيتها واعتباريتها.

ويندفع هذه الاعتراضات بما قال الفاضل الزاهد رحمه الله. بيانه أي بيان الاستدلال أن الوجوب والإمكان والامتناع قد يطلق على المعاني المصدرية الانتزاعية وتصوراتها بالكنه ضرورية فإن من لا يقدر على الاكتساب يعرف هذه المعاني بالكنه إذ كنهها ليس إلا هذه المعاني المنتزعة الحاصلة في الذهن. ألا ترى أن كل عاقل وإن لم يكن قادرا على الكسب يتصور حقيقتها كوجوب حيوانية الإنسان وإمكان كاتبيته وامتناع حجريته. وتصور الحصة يستلزم تصور الطبيعة ضرورة أنها طبيعة مقيدة. وقد يطلق على المعاني التي هي منشأ لانتزاع المعاني المصدرية. والظاهر أن تصوراتها نظرية ولذا اختلف في ثبوتيتها واعتباريتها انتهى. ومن سلك إلى أن تصوراتها نظرية يقول الإمكان لا وجوب الوجود والعدم أو لا امتناع الوجود والعدم أو عدم اقتضاء الذات للوجود والعدم - والوجوب امتناع العدم أو لا إمكان العدم. والامتناع وجوب العدم أو لا إمكان الوجود.

وهذه تعريفات على تقدير نظريتها وتنبيهات على تقدير ضروريتها لكنها دورية لأن كل واحد من تلك الثلاثة المذكورة عرف إما بأحد الأمرين منها أو بسلبه على سبيل منع الخلو. وأجيب بأن المراد من الإمكان المذكور في تعريف الوجوب والامتناع هو الإمكان العام. والإمكان الذي عرف بالوجوب أو الامتناع إنما هو الإمكان الخاص فلا دور. نعم إذا وجه لزوم الدور بأنهم عرفوا الوجوب أي وجوب المحمول الذي هو الوجود أو غيره للموضوع بامتناع انفكاكه عنه أو بعد انفكاكه عنه. وعرفوا كلا من امتناع الانفكاك وعدم إمكان الانفكاك بوجوب عدم الانفكاك عنه فلزوم الدور ظاهر وكذا كل من الإمكان والامتناع. وقيل إنها تعريفات لفظية قصد بها التصديق بوضع هذه الألفاظ للمعاني المعلومة فلا يضر كونها دورية.

ثم إنهم اختلفوا في أن الوجوب والإمكان والامتناع التي يبحث عنها في فن الكلام هي التي هي جهات القضايا أم غيرها. وذهب الطوسي وغيره إلى أنها بعينها هي التي هي جهات القضايا في المنطق لكن في قضايا مخصوصة محمولاتها وجود الشيء في نفسه فإنه إذا أطلق الواجب والممتنع والممكن في هذا الفن أريد بها الواجب الوجود والممتنع الوجود والممكن الوجود. وقال صاحب المواقف أنها غيرها وإلا لكانت لوازم الماهية واجبة الوجود لذواتها انتهى وبطلانه أظهر من أن يخفى. ووجه الملازمة أن الوجوب في قولنا الزوجية واجبة للأربعة جهة القضية. إذ المراد به وجوب حمل الزوجية على الأربعة وامتناع انفكاك الأربعة عن صفة الزوجية فلو كان هذا الوجوب بعينه هو الوجوب المبحوث في الحكمة أعني وجوب الوجود في نفسه لزم أن تكون الزوجية واجبة الوجود لذاتها.

Page 114