227

La Perle du plongeur dans les illusions des particuliers

درة الغواص في أوهام الخواص

Chercheur

عرفات مطرجي

Maison d'édition

مؤسسة الكتب الثقافية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٨/١٩٩٨هـ

Lieu d'édition

بيروت

بل، وَإِنَّمَا زيدت عَلَيْهَا الْألف ليحسن السُّكُوت عَلَيْهَا.
وَحكمهَا أَنَّهَا مَتى جَاءَت بعد أَلا وَأما وألم وأليس، رفعت حكم النَّفْي وأحالت الْكَلَام إِلَى الْإِثْبَات، وَلَو وَقع مَكَانهَا نعم لحققت النَّفْي وصدقت الْجحْد، وَلِهَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: ﴿أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى﴾: لَو أَنهم قَالُوا: نعم لكفروا، وَهُوَ صَحِيح لِأَن حكم نعم أَن ترفع الِاسْتِفْهَام، فَلَو أَنهم قَالُوا: نعم لَكَانَ تَقْدِير قَوْلهم: لست رَبنَا، وَهُوَ كفر، وَإِنَّمَا دلّ على إِيمَانهم بلَى الَّتِي يدل مَعْنَاهَا على رفع النَّفْي، فكأنهم قَالُوا: أَنْت رَبنَا، لِأَن أَنْت بِمَنْزِلَة التَّاء الَّتِي فِي لست.
ويحكى أَن أَبَا بكر بن الْأَنْبَارِي حضر مَعَ جمَاعَة من الْعُدُول ليشهدوا على إِقْرَار رجل، فَقَالَ أحدهم للْمَشْهُود عَلَيْهِ: أَلا نشْهد عَلَيْك فَقَالَ: نعم، فَشَهِدت الْجَمَاعَة عَلَيْهِ، وَامْتنع أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي، وَقَالَ: أَن الرجل منع أَن يشْهد عَلَيْهِ بقوله: نعم، لِأَن تَقْدِير جَوَابه بِمُوجب مَا بَيناهُ: لَا تشهدوا عليّ.
وَفِي لَفْظَة نعم لُغَتَانِ: كسر الْعين وَفتحهَا، وَقد قرئَ بهما، وَجمع بَعضهم بَين اللغتين فِي بَيت فَقَالَ:
(دَعَاني عبد الله نَفسِي فداؤه ... فيالك من دَاع دَعَاني نعم نعم)
[١٩٩] وَمن ذَلِك أَنهم لَا يفرقون بَين قَوْلهم: زيد يأتينا صباح مسَاء على الْإِضَافَة، ويأتينا صباح مسَاء على التَّرْكِيب، وَبَينهمَا فرق يخْتَلف الْمَعْنى فِيهِ، وَهُوَ أَن

1 / 235