404

Durr Manzum

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

وثالثها: أن هذا المذهب المشار إليه، الذي عول أهل الانحراف وكراهة الخير عليه، مذهب شديد الضعف، واهي العرى، واضح البطلان، حقيق بأن لا يعول عليه إنسان، وفي تصحيحه إبطال أمر الإمام من أصله، فإن الإمام في أول قيامه ودعوته لا ينفذ له أمر على واحد من الناس، فكان مقتضى هذا المذهب أن يصح من الناس إذا دعاهم القائم بهذا الأمر الكامل فيه أن يقولوا: نحن نعرف كمالك، وجمعك للشرائط، ووجوب طاعتك، لكن لا تنفذ أوامرك علينا، فلا يجب علينا تسليم حقوق الله إليك، بل ولايتها إلينا لا إليك، ونحن نصرفها في مستحقيها. وإذا فعلوا ذلك فلينظر الناظر هل يستقيم للداعي بعد ذلك قاعدة؟ أو يكون لقيامه فائدة؟ فإن الحقوق إذا منعت منه لم يتمكن من شيء قط مما قام لأجله، كجهاد الظالمين، وسد الثغور، وحفظ بيضة الإسلام، وغير ذلك، ويكون من حقه أن يقعد في بيته لا إصدار له ولا إيراد، ولا جهد له ولا جهاد، ثم إن لنا أن نقول: لا يبعد أن يكون هذا المذهب كالخارق للإجماع، فإن من المعلوم إجماع الأمة في زمن الصحابة وبعدهم على أن للإمام قتال من عصاه، أو منعه الزكاة، ولن يمنعه الزكاة إلا من لا تنفذ أوامره عليه، ومن كانت أوامره لا تنفذ عليه فلا ولاية له في حقه، فكيف يقاتله على شيء لا ولاية له فيه فتأمل، فإن هذا وجه واضح وتعليل راجح، ولنا كلام متقدم في توهين هذا المذهب غاب عنا حال رقم هذا الطرس، ونحن رقمناه حال استعجال بعلم حامله وفي حال تأهبه للسير في وقت متضيق.

Page 438