Durr Manzum
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Genres
والمسارعة إلى تفسيق من هذه حاله زيغ شديد وضلال بعيد، والخطأ في الكف عن ذلك خير من الخطأ في الإقدام عليه، وذلك هو دأب أهل الفضل والتحري، والأخذ في الدين بالأحوط، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أنه وصى في أنصاره رضي الله عنهم، أن يحسن إلى محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم، مع تعمد الإساءة، فإجراء هذه القضية في أهل البيت وصالحي عترته أولى وأحرى، لأنهم لم يعتمدوا الإساءة ولقرابتهم منه صلى الله عليه وآله وسلم .
وهاهنا نكتة سرية، ولطيفة خفية، ينبني عليها جميع ما تقدم ذكره، وهي أن الإمامة التي يفسق مخالفها عند من ذهب إلى ذلك هي الإمامة التي هي عين خلافة النبوة، كإمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام وولديه، وزيد بن علي، وولده يحيى بن زيد، ومحمد بن عبدالله، وأخويه، والحسين بن علي الفخي، والقاسم، والهادي وولديه صلوات الله على أرواحهم الزكية، فإن هؤلاء حذوا سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حذو القذة بالقذة، والنعل بالنعل، وكان الهادي عليه السلام يقول: والله ما هي إلا سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو النار، وكان لهم" أنصار وأعوان على إشادة ما اندرس من معالم الدين جنود مجندة من صالحي المؤمنين، وكانوا أئمة للمتقين، كما قال تعالى: ?واجعلنا للمتقين إماما?[الفرقان:74].
ولخشية الوقوع في خطر مخالفة السيرة النبوية ترك بعضهم الأمر واعتزله كما فعل الحسن السبط، وإلى ذلك أشار بعض سادة العترة بقوله يخاطب آخر منهم:
فإن كنت مقتديا بالحسين
فلي قدوة بأخيه الحسن
فقد حمد المصطفى فعله
لإطفائه لنيار الفتن
ولو كان في فعله مخطئا
Page 356