ثقلان للثقلين نص محمد ولأمر عظيم، وشأن جسيم، قرنهم أبوهم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بالقرآن العزيز، وجعلهم عدله في حديث الثقلين، فكما أن الكتاب حق فالعترة حق، والنبي الكريم حكيم "لاينطق عن الهوى(3)إن هو إلا وحي يوحى"[النجم: 3-4]، فهو لا يوصي أمته المرحومة ويحثها على التمسك بالكتاب والعترة، إلا لكون الكتاب حق، والعترة مع الحق لا يفارقونه، وهو لا يدل أمته إلا على سبيل رشادها، وما فيه سلامتها يوم معادها، فهو الناصح الأمين، وما زالت العترة النبوية منذ فجر الإسلام في هدي للعباد، ودعاء إلى سبيل الرشاد، لتبيين الدين الحنيف، وتزييف وجهاد للباطل السخيف، -أولهم بعد نبي الرحمة وكاشف الغمة صلوات الله عليه وعلى آله الوصي -الأنزع البطين، ثم الإمامان السبطان: الحسن والحسين صلوات الله عليهما، وخلفهم أولادهم الأئمة الهداة، حموا دين أبيهم تارة بالمرهفات الحداد، والسواعد الشداد، وأخرى باللسان، فكم لهم من مقام تحار فيه الألباب، وتجندل فيه الأبطال، وتقط فيه الرقاب، وكم لهم من أنظار في العلوم سديدة، ومؤلفات ورسائل حميدة، قارعوا فيها الخصوم بأدلة أشد وقعا من النبال، وأمضى من البواتر في رد شبه أهل الضلال:
لهمو من التصنيف ألف مصنف *** ما بين علم سابق ومجدد
فما من فن من فنون العلم إلا وقد خاضوا غماره، وفجروا بأنظارهم الموفقة أنهاره، وجنوا بصافي أفكارهم ثماره، فها هي دعوة المصطفى قد شملتهم:
Page 3