240

Le Perle Unique et la Maison de la Poésie

الدر الفريد وبيت القصيد

Chercheur

الدكتور كامل سلمان الجبوري

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Genres

فَقَدْ تَمَّ الوَصْفُ وَالتَّشْبِيْهُ قَبْلَ القَافِيَةِ فَلَمَّا أَتَى بِهَا زَادَتْ نَصَاعَةً، وَذَلِكَ أَنَّ الأثَأبَ شَجَرٌ يَكُوْنُ لِلرِّيْحِ فِيْ أضْغَاَثِ أغْصَانِهِ حَفِيْفٌ شَدِيْدٌ، وكقولِ ذِي الرُّمَّةِ (١): [من الطويل]

= المَعْنَى نَصَاعَةً وَذَلِكَ أَنْ الأَثَابَ شَجَرٌ يَكُوْنُ لِلرِّيْحِ فِي أَضْغَاثِ أَغْصَانِهِ حَفِيْفٌ شَدِيْدٌ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلِهِ أَيْضًا:
كَأَنَّ عُيُوْنِ الوَحْشِ حَوْلَ خِبَائِنَا ... وَأرحُلِنَا الجزْعُ الَّذِي لَمْ يُثْقبِ
فَقَدْ أَتَى عَلَى التَّشْبِيْهِ قَبْلَ القَافِيَةِ وَذَلِكَ إِنَّ عُيُوْنَ الوَحْشِ إِذَا مَاتَتْ وَتَغَيَّرَتْ هَيَّأْتُهَا أَشْبَهَتْ الجِزْعَ ثُمَّ لَمَّاَ جَاءَ بِالقَافِيَةِ بَلَغَ بِالمَعْنَى الأَمَدَ البَعِيْدَ فِي التَّأْكِيْدِ لأَنَّ عُيُوْنُ الوَحْشِ بِالجَّزَعِ الَّذِي لَمْ يثقب أَصْفَى وَأَحْسَنَ. وَقِيْلَ لِلأَصْمَعِيّ مَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ قَالَ مَنْ يَأْتِي إِلَى المَعْنَى الخَسِيْسِ الحَقِيْرِ فَيَجْعَلَهُ بِلَفْظِهِ حَقِيْرًا أَوْ يَنْقَضي كَلَامُهُ قَبْلَ القَافِيَةِ فَإِذَا احْتَاجَ إِلَيْهَا أَفَادَ بِهَا مَعْنًى قِيْلَ نَحْوَ مَنْ قَالَ نَحْوَ الأَعْشَى إِذْ يَقُوْلُ:
كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْمًا لِيُفْلِقَهَا ... فَلَمْ يَضِرْهَا وَأَوْهَى قرنه الوَعِلُ
فَقَدْ تَمَّ المَثَلُ فَلَمَّا احْتَاجَ إِلَى القافِيَةِ قَالَ الوَعِلُ فَزَادَ مَعْنًى وَقِيْلَ وَلِمْ صَارَ الوَعِلُ مُفَضلًا عَلَيَّ كُلَّمَا يَنْطَحُ فَالَ لأَنَّهُ يَنْحَطُّ مِنْ قُلَّةِ الجبَلِ عَلَى قُرْنَيْهِ وَلَا يَضُرّهُ. وَأَمَّا قَوْلُ ذي الرُّمَّةِ: (كَالرِّدَاءِ المُسَلْسَلِ) فَإِنَّهُ أَرَادَ بِالمُسَلْسَلِ المُسَلَّلِ فِي الأَصْلِ قَالَ الأَصْمَعِيُّ يقال مَاءٌ سَلْسَلٌ أي سَهْلُ المَمَرِّ فِي اللَّه وَاتِ وَتَسَلْسَلَ بِالمَاءِ جَرَى فِي صَبَبٍ وَكَانَ أَصْلُ سَلْسَلَ فِي التَّقْدِيْرِ سَلَّلَ فَأُبْدِلَ مِنْ إِحْدَى اللَّامَاتِ سِيْنًا - بَيْنَ فَعْلَلٍ وَفَعَّلَ إِنَّمَا بُدِّلَ سِيْنًا دُوْنَ سَائِرِ الحُرُوْفِ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيْهِ إِلَّا سِيْنٌ وَلَامٌ مُضَعَّفَةٌ فَجَعَلُوا السِّيْنَ سِيْنَيْنِ فَاعْتَدَلَ الحَرْفُ بِسِنَيْنِ وَلَامَيْنِ. وَهَذَا الحكْمُ فِي الأَسْمَاءِ وَالأفْعَالِ وَاحِدٌ. وَكَذَلِكَ تَمَلْمَلَ أَصلُهُ تَمَلَّلَ فَجَعَلُوا بَيْنَ اللَّامَيْنِ مِيْمًا تَعْدِيْلًا وَتَخْفِيْفًا وَمِثْلهُ فِي الأَسْمَاءِ سَبْسَبٌ وَكَلْكَلٌ وَكَبْكَبٌ وَعَرْعَرٌ وَهُوَ كَثِيْرٌ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ السَّلْسَلَ رَمْلٌ يَنْعَقِدُ بَعْضهُ - جَمَاعَةٌ مِنَ النَّحَوِيِّيْنَ الكُوْفِيِّيْنَ وَأَمَّا الحذَّاق مِنَ البَصرِيِّيْنَ فَلَا يَجْعَلُوْنَ أَحَدَ التَّرْكِيْبَيْنِ أَصْلًا للفظ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلٌ قَائِمٌ برأسهِ فَقَوْلُهُمْ سَلَّ أَصْلٌ وَهُوَ ثُلَاثِيٌّ وَسَلْسَلَ أَصْلٌ وَهُوَ رُبَاعِيٌّ وَزْنُهُ فَعْلَلَ.
(١) ديوانه ٣/ ١٤٥١.

1 / 242