النِّصْفِ مِنْهُ، ثُمَّ يَرُدَّهَا فِي النِّصْفِ الأَخِيْرِ وَإِذَا نُظِمَ الشِّعْرُ عَلَى هَذِهِ الصيْغَةِ تَيَسَّرَ اسْتِخْرَاجُ قَوَافِيهِ قَبْلَ أَنْ يَطْرُقَ أسْمَاعَ مُسْتَمِعِيْهِ.
وَرُبَّمَا أَتَى الشَّاعِرُ فِي صَدْرِ بَيْتِهِ بِلَفْظٍ فِي مَعْنًى لَا يَتِمُّ ذَلِكَ المَعْنَى وَلَا يَكْمُلُ حَتَّى يَعُوْدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ فِي عَجُزِهِ وَآخِرِهِ وَيُسَمَّى رَدَّ العَجُزِ عَلَى الصَّدْرِ (١)
(١) وَمِنْ هَذَا البَابِ قَوْلُ زُهَيْرٍ ابن سُلْمَى يَمْدَحُ هَرِمًا (١):
مَنْ يَلْقَ يَوْمًا عَلَى عِلَّاتِهِ هَرِمًا ... يَلْقَ السَّمَاحَةَ مِنْهُ وَالنَّدَى خُلُقَا
وَقَوْلُ أَبِي فِرَاسٍ بن حَمْدَانَ (٢):
وَكُنَّ إِذَا أَغَرْنَ عَلَى دِيَارٍ ... رَجَعْنَ وَمِنْ طَرَائِدِهَا الدِّيَارُ
وَقَوْلُ أَبِي عَبْد اللَّهِ مُطَرِّف بن شَخِيْصٍ:
وَمُعْتَلَّةِ الأَجْفَانِ مَازِلْتُ مُشْفِقًا ... عَلَيْهَا وَلَكِنِّي ألذُّ اعْتِلَالَهَا
جُفُوْنٌ أَجَالَ الحُسْنِ فِيْهِنَّ فتْرَةً ... فَحَلَّ عُرَى الآجَالِ منْذُ أَجَالَهَا
فَهَلْ مِنْ شَفِيْعٍ عِنْدَ لَيْلَى إِلَى الكَرَى ... لَعَلِّي إِذَا مَا نِمْتُ أَلْقَى خَيَالَهَا
يَقُوْلُوْنَ لِي صبْرًا عَلَى مَطلِ وَعْدِهَا ... وَمَا وَعَدَتْ لَيْلَى فَأَشْكُو مَطَالهَا
وَمَا كَانَ ذَنْبِي غَيْر حِفْظِي عُهُوْدهَا ... وَطَيّ هَوَاهَا واحْتِمَالِي دَلَالهَا
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابن سَرَاج القَارِّي:
يَا سَاكِنِي الدَّارَ حُلُوْلَا بِهَا ... تُطْرِبهُمْ فِيْهَا النَّوَاقِيْسُ
قِيْسُوا لنَا القُرْبَ وَكَمْ بَيْنَهُ ... وَبَيْنَ أَيَّامِ النَّوَى قِيْسُو
وَكَقَوْلِ الآخَر:
رَأَيْتُ يَحْيَى أَتَمَّ اللَّهُ نِعْمَتَهُ ... يَأَتِي الَّذِي لَمْ يَأَتِهِ أَحَدُ
يَنْسَى الَّذِي كَانَ مِنْ مَعْرُوْفِهِ أَبَدًا ... إِلَى الرِّجَالِ وَلَا يَنْسَى الَّذِي بَعدُ
(١) ديوانه ص ٦٧.
(٢) ديوانه ص ١٢٦.