129

Durar Faraid

درر الفرائد المستحسنة في شرح منظومة ابن الشحنة

Chercheur

الدكتور سُلَيمان حُسَين العُمَيرات

Maison d'édition

دار ابن حزم

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Genres

وَالسُّرُوْرِ = بِجُمُوْدِ الْعَيْنِ؛ فَإِنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ جُمُوْدِ الْعَيْنِ إِنَّمَا يَكُوْنُ إِلَى بُخْلِهَا بِالدُّمُوْعِ حَالَ إِرَادَةِ الْبُكَاءِ- وَهِيَ حَالَةُ الْحُزْنِ عَلَى مُفَارَقَةِ الْأَحِبَّةِ - لَا إِلَى مَا قَصَدَهُ الشَّاعِرُ مِنَ السُّرُوْرِ الْحَاصِلِ بِمُلَاقَاةِ الْأَصْدِقَاءِ وَمُوَاصَلَةِ الْأَحِبَّةِ. قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ (١): «وَمَعْنَى الْبَيْتِ: إِنِّيَ الْيَوْمَ أَطِيْبُ نَفْسًا بِالْبُعْدِ وَالْفِرَاقِ، وَأُوَطِّنُهَا عَلَى مُقَاسَاةِ الْأَحْزَانِ وَالْأَشْوَاقِ، وَأَتَجَرَّعُ غُصَصَهَا، وَأَحْتَمِلُ لِأَجْلِهَا حُزْنًا يُفِيْضُ الدُّمُوْعَ مِنْ عَيْنَيَّ؛ لِأَتَسَبَّبَ بِذَلِكَ إِلَى وَصْلٍ يَدُوْمُ، وَمَسَرَّةٍ لَا تَزُوْلُ، فَإِنَّ الصَّبْرَ مِفْتَاحُ الْفَرَجِ» اِنْتَهَى. فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ تَرَكَ النَّاظِمُ فِيْ فَصَاحَةِ الْكَلَامِ قَيْدَ فَصَاحَةِ الْكَلِمَاتِ، مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ؟ قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَهُ؛ اعْتِمَادًا عَلَى مَا هُوَ الْمُقَرَّرُ عِنْدَ عُلَمَاءِ هَذَا الفَنِّ، مِنْ أَنَّ فَصَاحَةَ الْمُفْرَدِ قَيْدٌ فِيْ فَصَاحَةِ الْكَلَامِ؛ كَمَا بَيَّنَّاهُ آنِفًا. وَاللهُ أَعْلَمُ. وَسَيَأْتِيْ تَعْرِيْفُ فَصَاحَةِ الْمُتَكَلِّمِ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ: «ولَمَّا فَرَغَ مِنْ تَعْرِيْفِ الْفَصَاحَةِ شَرَعَ فِيْ تَعْرِيْفَ الْبَلَاغَةِ» (٢) فِيْهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فَصَاحَةَ الْمُتَكَلِّمِ سَتَأْتِيْ فِيْ قَوْلِهِ: «وَبِالْفَصِيْحِ مَنْ يُعَبِّر نَصِفُهْ». قَالَ: وَإِنْ يَكُنْ: أَيِ الْكَلَامُ الْفَصِيْحُ مُطَابِقًا لِلْحَالِ: أَيْ: مُطَابِقًا لِمُقْتَضَى الْحَالِ. وَالْمُرَادُ بِالْحَالِ: الْأَمْرُ الدَّاعِيْ إِلَى التَّكَلُّمِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوْصٍ،

(١) ص ١٢. وانظر: المطوّل ص ١٤٩. (٢) انظر: شرح منظومة ابن الشِّحنة للحمويّ، ورقة ٦.

1 / 163