وحثا ترابه على رأسه، وقال يا رسول الله: قلت فسمعنا قولك، ووعيت عن الله ما وعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ ١ وقد ظلمت نفسي، وجئتك مستغفرا إلى ربي "فنودي من القبر الشريف: أنه قد غفر لك"!! ونسأل ابن دحلان وقد رحل عن هذه الدنيا - هلا سأل نفسه من نقل عن الأعرابي هذا الذي سمعه من القبر الشريف؟ وهل ذكر الأعرابي هذا لأحد؟ وهل سمع أحد ما سمعه هذا الأعرابي؟ إنها دعوى لا مستند لها ولكل دعي أن يدعي هذه الدعوى! فهل يصح أن تكون مثل هذه الدعوى شاهدا على جواز التوسل بالنبي ﷺ بعد موته؟ وهل تكون الخرافات مما يدخل في دين الله ويكون حجة من حججه على الناس؟ ثم ألم يسأل ابن دحلان نفسه: هل أحد من صحابة رسول الله ﷺ وذوي قربته - جاء إلى قبر النبي ﷺ يسأله فيما وقع لهم من أمور وما كان بينهم من اختلاف في أمر الخلافة التي كانت مثار جدل بين المهاجرين والأنصار؟ وهل رجع أبو بكر ﵁ إلى رسول الله ﷺ يأخذ عنه الحكم في حرب المرتدين، بعد وفاته ﷺ؟ ثم هل كان قبر النبي ﷺ مفزعا للمسلمين في الأحداث المزلزلة الدامية في عصر الصحابة والتابعين ومن بعدهم؟ ولا نريد جوابا، فلسان الحال أفصح من كل لسان! أما الآية الكريمة التي يتخذ منها ابن دحلان ومن على شاكلته من دعاة الضلال شاهدا على جواز التوسل برسول الله ﷺ والفزع إليه في النائبات - فقد كشفنا عن وجه الحق منها، وأنها بيان من الله تعالى لرسوله الكريم عن الموقف الذي يقفه من المنافقين من اليهود.