ومنْ يقرأْ رحلة ابنِ بطُّوطة، على ما فيها من المبالغاتِ، يجِدِ العَجَبَ العجاب مِن خلْقِ اللهِ ﷾، وتصريفِه في الكونِ، ويرى أنها من العِبر العظيمةِ للمؤمنِ، ومن الراحةِ له أنْ يسافر، وأنْ يغِّيرَ أجواءه ومكانه ومحلَّه، لقرأ في هذا الكتابِ الكونيِّ المفتوحِ.
يقولُ أبو تمام - وهو يتحدَّث عن التنقلِ في الدِّيارِ -:
بالشَّامِ أهلي وبغدادُ الهوى وأنا ... بالرَّقْمتينِ وبالفسطاطِ جِيراني
﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾، ﴿فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ﴾، ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ﴾، ﴿حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾ .
تهجَّدْ مع المتهجِّديِن
ومما يُسعدُ النَّفْس ويشرحُ الصدر: قيامُ الليلِ.
وقدْ ذكر ﷺ في الصحيح: أنَّ العبد إذا قام من الليلِ، وذكر الله، ثم توضَّأ وصلَّى، أصبح نشيطًا طيِّب النفْسِ. ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾، ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ﴾ .
وقيامُ الليلِ يُذهبُ الدّاء عن الجسدِ، وهو حديثٌ صحيحٌ عند أبي داود: «يا عبد الله، لا تُكنْ مثْل فلانٍ، كان يقومُ الليل، فتَركَ قيامَ الليلِ»، «نِعْمَ الرجلُ عبدُاللهِ لو كان يقومُ من الليلِ» .
1 / 301