Documentation of the Sunnah in the Second Hijri Century: Foundations and Trends
توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
Maison d'édition
مكتبة الخنانجي بمصر
Numéro d'édition
الأولى
Genres
أولًا: ما دمتم تريدون اتباع القرآن الكريم والاكتفاء به، فإن اتباع السنة وقبولها إنما هو اتباع للقرآن الكريم واكتفاء به، قال ﷿: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ ١، وقد علمنا أن الكتاب هو كتاب الله، فما الحكمة؟ إنها ليست سوى سنة رسول الله، ﷺ.
قال المنكر: إنه من المحتمل أن الرسول ﷺ يعلمهم الكتاب جملة والحكمة خاصة، وهي أحكام الكتاب، فهو لم يخرج عن تعليم الكتاب فردّ عليه الإمام الشافعي: بأنه إذا كان يعني بالحكمة أنها أحكام كتاب الله تعالى وأنها لا تخرج عما بينه رسول الله، ﷺ من جملة الفرائض من الصلاة والزكاة والحج وغيرها، فيكون الله قد أحكم فرائض من فرائضه بكتابه الكريم، وبين كيف هي على لسان نبيه -إذا كان يعني ذلك، وليس غيره كما أقر، فهذه هي السنة التي لا نصل إليها إلا بخبر عن رسول الله، ﷺ. وإذا لم نقبل هذه الأخبار فإننا نكون قد فرطنا في أمور ديننا.
١٤٥- ويضيف الإمام الشافعي بأنه إذا كان من المحتمل أن تكون الحكمة في الآية الكريمة هي كتاب الله، ويحتمل أن تكون شيئًا غيره زائدًا عليه، فإن أظهر الاحتمالين هو الاحتمال الثاني، كما يدل عليه استعمال القرآن الكريم للفظ الحكمة، حيث يراد بها معنى آخر غير كتاب الله ﷿، قال تعالى، في آية أخرى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾ ٢، فأخبر تعالى أنه يتلى في بيوتهن شيئان: القرآن والحكمة، أي ينطق بكل منهما "فهذه أبين في أن الحكمة غير القرآن من الأولى"٣.
ثانيًا: لقد افترض الله علينا اتباع نبيه، ﷺ، قال تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي
_________
١ سورة الجمعة: ٢.
٢ الأحزاب: ٣٤.
٣ الأم: ٧/ ٢٥١.
1 / 84