الذي يرويه واحد عن إمام مشهور من أئمة الحديث، ويسمون هذا الحديث غريبًا، ويسمون راويه منكر الحديث١، يقول ابن حجر: إن ابن حنبل يطلق على من يغرب على أقرانه في الحديث، أي يأتي بالغرائب: إنه منكر الحديث ... وقال الإمام مالك: شر العلم الغريب، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس ... وقال ابن المبارك: العلم الذي يجيئك من ههنا وههنا -يعني المشهور ... وروي عن الزهري قال: حدثت علي بن الحسين بحديث، فلما فرغت قال: أحسنت بارك الله فيك، هكذا حدثنا، قلت: ما أراني إلا حدثتك بحديث أنت أعلم به مني!. قال: لا تقل ذلك، فليس من العلم ما لا يعرف، إنما العلم ما عرف وتواطأت عليه الألسن٢ ... وحذر الإمام أبو يوسف من رواية هذا النوع من الحديث؛ لأنه منزلق للخطأ، فيقول: من طلب الدين بالكلام تزندق، ومن طلب غريب الحديث كذب، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس٣.
١٩٨- وكان الإمام الشافعي ﵁ يرى أن حديث اثنين أرجح من حديث واحد، وحديث خمسة أولى من حديث واحد٤" ... كما تكون المتابعة من أسباب ترجيح حديث على حديث٥ عنده.
ومن أعجب الأمور عند الشافعي -إن صحت نسبة هذا إليه- أنه لا يعترف برواية الواحد من أهل العراق إلا إذا كان هناك لروايته أصل في مكة أو المدينة، يقول فيما يرويه ابن أبي حاتم بسنده: "والله لو صح الإسناد من حديث العراق، غاية ما يكون الصحة، ثم لم أجد له أصلًا عندنا "يعني بالمدينة ومكة" على أي وجه كان: لم أكن أعني بذلك الحديث على أي صحة كان"٦.
١ تدريب الراوي ١/ ٣٤٧.
٢ المصدر السابق ٢/ ١٨٢.
٣ الكفاية الطبعة المصرية: ص٢٢٥.
٤ الرسالة ص١٨٠، ٢٨١ - اختلاف الحديث ٢١٢، ٢٣٠، ٢٣٤.
٥ العلل لابن المديني: ص٨٩، ٩٠، ٩٧.
٦ آداب الشافعي: ص٢٠٠.