Documentation of the Sunnah and Its Status
تدوين السنة ومنزلتها
Maison d'édition
الجامعة الإسلامية
Numéro d'édition
السنة الحادية عشر-العدد الثالث
Année de publication
ربيع الأول ١٣٩٩هـ
Lieu d'édition
المدينة المنورة
Genres
من الوحي القرآني تبيان وتفسير، فأنى للكتبة منهم الوقت لمتابعة الرسول ﵇ في كتابة جميع ما يقوله أو يعمله أو يقر الناس عليه، خاصة وأن الكاتبين منهم قليل.
ومع ذلك قام بعض هؤلاء الكاتبين بتقيد جميع ما سمعه ورآه من النبي ﷺ، وأقرهم على ذلك حين أمن التباس السنة بالقرآن، على حين كتب أفراد آخرون أشياء قليلة، وظل سائرهم بين قارئ كاتب لكنه مشغول بالقرآن شغلا لا يتيح له كتابة الحديث، فغدا يسمعه من الرسول ﷺ ويعمل به ولا يجد الحاجة لتقييده، وبين أمي يحفظ من القرآن والحديث ما تيسر له في صدره، وهو ما كان عليه أكثر الصحابة في بدء الإسلام ومطلع فجره.
وانصرف الصحابة إلى القرآن جمعا له في الصدور والسطور، واشتغالهم به عن كل شئ سواه كان جزءا من التوجيه النبوي الحكيم لهؤلاء التلامذة الخالدين من الأميين والكاتبين، وهو توجيه متدرج مع الحياة والأحياء متطور مع الأحداث التي تعاقبت على المجتمع الإسلامي، فما كان لهذا التوجيه أن يجمد على صورة واحدة، بل روعي فيه الزمان، وروعيت الأشخاص.
فنهى الرسول ﷺ عن كتابة الأحاديث أول نزول الوحي مخافة التباس أقواله وشروحه وسيرته بالقرآن، ولا سيما إذا كتب هذا كله في صحيفة واحدة مع القرآن.١
وقال: " لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" ٢.
_________
١ وقد أشار إلى ذلك الخطابي في معالم السنن فقال: (يشبه أن يكون النهي متقدما، وآخر الأمرين الإباحة) .
وقد قيل: إنه إنما نهى أن يكتب الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة؛ لئلا يختلط به ويشتبه على القارئ، فأما أن يكون نفس الكتاب مخطوطا وتقييد العلم بالخط منهيا عنه فلا. اهـ مختصر جـ٥ ص ٣٤٦ كتاب العلم حديث ٣٤٩٩.
٢ صحيح مسلم بشرح النووي جـ١٨ ص ١٢٩ كتاب الزهد من حديث أبي سعيد الخدري. وقد أعل بعضهم هذا الحديث ووقفه على أبي سعيد الخدري قال: ابن حجر في الفتح ج١ ص ٢١٨: ومنهم من أعل حديث أبي سعيد وقال: الصواب وقفه على أبي سعيد، قاله البخاري وغيره اهـ. وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الباعث الحثيث ص ١٤٨: وهذا غير جيد؛ فإن الحديث الصحيح. وملحظ الشيخ شاكر لأن الحديث معروف متدوال بين العلماء وفي كتب الحديث.
الصحف المكتوبة في عهد النبي ﷺ: ثم أذن بذلك إذنا عاما حين نزل أكثر الوحي وحفظه الكثيرون، وأمن اختلاطه بسواه، فقال ﵊: " قيدوا العلم بالكتاب" ٣. من المؤكد أن بعض الصحابة كتبوا طائفة من الأحاديث في حياته ﷺ، ومنهم من كتبها بإذن خاص من النبي ﷺ. من تلك الصحف: صحيفة سمرة بن جندب (٦٠هـ)، كان قد جمع أحاديث كثيرة في نسخة كبيرة ورثها ابنه سليمان ورواها عنه، وهي التي يقول فيها ابن سيرين: في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير. _________ ٣ رواه ابن عبد البر عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "قيدوا العلم بالكتاب". ورواه موقوفا على عمر بن الخطاب وابن عباس مثله، وعن أنس أيضا أنه كان يقول لبنيه: يا بني قيدوا العلم بالكتاب اهـ جامع بيان العلم وفضله جـ ١ باب الرخصة في كتاب العلم ص ٨٦. انظر مسند عبد الله بن عمرو في مسند أحمد ٢/١٥٨-٢٢٦.
الصحف المكتوبة في عهد النبي ﷺ: ثم أذن بذلك إذنا عاما حين نزل أكثر الوحي وحفظه الكثيرون، وأمن اختلاطه بسواه، فقال ﵊: " قيدوا العلم بالكتاب" ٣. من المؤكد أن بعض الصحابة كتبوا طائفة من الأحاديث في حياته ﷺ، ومنهم من كتبها بإذن خاص من النبي ﷺ. من تلك الصحف: صحيفة سمرة بن جندب (٦٠هـ)، كان قد جمع أحاديث كثيرة في نسخة كبيرة ورثها ابنه سليمان ورواها عنه، وهي التي يقول فيها ابن سيرين: في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير. _________ ٣ رواه ابن عبد البر عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "قيدوا العلم بالكتاب". ورواه موقوفا على عمر بن الخطاب وابن عباس مثله، وعن أنس أيضا أنه كان يقول لبنيه: يا بني قيدوا العلم بالكتاب اهـ جامع بيان العلم وفضله جـ ١ باب الرخصة في كتاب العلم ص ٨٦. انظر مسند عبد الله بن عمرو في مسند أحمد ٢/١٥٨-٢٢٦.
1 / 36