27
عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵁ أَتَاهُ رَجُلاَنِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالاَ إِنَّ النَّاسَ صَنَعُوا وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ وَصَاحِبُ النَّبِيِّ ﷺ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ؟ فَقَالَ: يَمْنَعُنِي أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي، فَقَالا: أَلَمْ يَقُلْ الله: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾؟ فَقَالَ: قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ وَكَانَ الدِّينُ لله، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ الله رواه البخاري (١) الَفَصْلُ الْتَّاسِعُ: الْغَضَبُ الْمَحْمُوْدُ الْغَضَبُ الْمَحْمُوْدُ مَا كَانَ للرَّحْمَنِ وَضُبِطَ بِالْقُرَآنِ، فَلاَ يُسْكَتْ عَلَى الْمُنْكَر، وَبِغَيْرِ الْوَحْي لا يُنْكَر. قُلْتُ: لأَنَّ الْنَّبِيَّ ﷺ غَضِبَ للرَّحْمَن ِ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنِ الْقُرْآن؛ لأَنَّهُ خُلُقُهُ؛ فَهْوَ يُطَبِّقُهُ. وَكَانَ مِنْ دُعائِهِ ﷺ: (أَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالْرِّضَا). وَلَمْ يَكُنْ إِذَا غَضِبَ للهِ بَذِيًّا وَلاَ فَاحِشًا. وَبَعْضُ الْنَّاسِ يَخْرُجُ عَنِ الْسُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ؛ بِحُجَةِ أَنَّهُ غَضِبَ للرَّحْمَنِ؛ فَيَسْتَحِلُّ بِغَضَبِهِ للهِ مَا حَرَّمَ الله؛ مِنَ الأَنْفُسِ وَالأَمْوَال، وَالأَعْرَاضِ وَالأَقْوَال. فَإِذَا قِيْلَ: لَهُ اتَّقِ الله، قَالَ: إِنَّمَا غَضِبْتُ لله. فَيَاللهِ الْعَجَبُ، متى كَانَ الْغَضَبُ مَصْدَرًا للتَّحْلِيْلِ وَالْتَّحْرِيم؟ وَمَتَى نَسَخَ الْسُّنَّةَ وَالْقُرْآنَ الْكَرِيم؟ فَالْغَضَبُ الْمَحْمُوْدُ هُوَ مَا كَانَ لِلْحَقِّ، لا لِلْخَلْقِ؛ وَهْوَ أَنْوَاعٌ: الْنَّوْعُ الأَوَّلُ: الْغَضَبُ لِحِمَايَةِ الْدِّيْنِ.

(١) البخاري رقم٤١٥٣ (ج ١٣ / ص ٤٥٧)

1 / 26