183
رسوله فيعطلون أسماءه وصفاته العليا، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويلحدون في أسماء الله وآياته. فإذا عرفت هذا فإنا نثبت لله اليد كما أثبتها لنفسه، كما قال تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ [المائدة:٦٤]، وقال تعالى: ﴿يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [صّ:٧٥]، وقال تعالى: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح:١٠]، وقال تعالى: ﴿وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر:٦٧]، إلى غير ذلك من الآيات. ونثبت أن لله وجهًا كما قال تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص:٨٨]، وقوله: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ﴾ [الرحمن:٢٧]، وقوله: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ ١ [البقرة:١١٥]، إلى غير ذلك من الآيات.

١ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المناظرة عن الواسطية: " ... قلت هذه الآية ليست من آيات الصفات أصلًا، ولا تندرج في عموم قول من يقول: لا تؤول آيات الصفات. قال –أي أحد المناظرين-: أليس فيها ذكر الوجه؟ فلما قلت: المراد بها قبلة الله. قال –أي المناظر-: أليست هذه من آيات الصفات؟ قلت: لا، ليست من موارد النزاع، فإني إنما أسلم أن المراد بالوجه هنا القبلة، فإن الوجه هو الجهة في لغة العرب، يقال: قصدت هذا الوجه، وسافرت إلى هذا الوجه أي: إلى هذه الجهة. وهذا كثير مشهور، فالوجه هو الجهة. وهو الوجه كما في قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ أي متوليها. فقوله تعالى: ﴿وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ كقوله: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ كلا الآيتين في اللفظ والمعنى متقاربتان، وكلاهما في شأن القبلة، والوجه والجهة هو الذي ذكر في الآيتين: أنا نوليه: نستقبله ... ثم قرر شيخ الإسلام هذا بكلام حسن، فانظره في الفتاوى جـ ٦/١٥، ١٦، ١٧. وجـ ٢/٤٢٨، ٤٢٩.

1 / 182