ألا ترى ، أن اختلاجاته ... أمامها شهق الحريق الأكول؟
وكان يخشى بين جيرانها ... جارا ترابي الأماني ختول
يحمحم الشيطان في صدره ... وبين فكيه يصلي بتول
واستنطق الباب ومد المنى ... وهو احتراق وانتظار سئول
واستنزلتها قبضتا وهمه ... فضمها ، قبل احتمال النزول
***
من ذا ؟.. وإذ لاحت رماه الى ... شموخ نديها ، الخيال العجول
وأقبلت في موكب من شذى ... ملحن الخطو طروب الذبول
مفاصل الممشى على هطوها ... عادت صنوجا ، واستحالت طبول
ومقلتاها ، تغزلان الرؤى ... حمائما زرقا ، وصحوا كسول
كيف يناجها : ألا تنطوي ... أحرفه ، تحت اصفرار الذبول؟
فينحني خجلان ، لكنها ... حسناء يرضيها اللهف الخجول
ماذا يلاقي ؟ شعلة بضة ... من الصبا ، والكبرياء الملول!
دفئا ، واشراقا ، كما يرتمي ... فجر الربى ، فوق اخضرار السهول
يحبو على أهدابها ، موعد ... طفل ، ويسترخي عليه الخمول
في أي زاه من تهاويلها ؟ ... يرسو ، وفي أي اخضرار يجول ؟
يذهله عن بعضها بعضها ... فما الذي يغوي ظ وماذا يهول ؟
***
وعاد يحكيها لناي الهوى ... ويسأل الأشباح ماذا يقول؟
هل يخبر الأشواق عنها كما ... يخبر عن (جنات ) عدن رسول
وجهه ، أسئله حوم ... ظوامىء ، يمتصهن النحول
يخقن كالأوراق ، يسألن عن ... روائح الأنثى ، رياح القبول
***
وكان يطوى شارعا جوه ... غاب ، كثيف ، من زنود (المغول)
كالنعش ، يستلقي عليه الدجى ... وتعجن السحب عليه الوحول
وساءل الدرب الثقات الحصى ... من ذلك الآتي ؟ كطيف الطلول !
يمد رؤياه الى لا مدى ... ويذرع الأوهام عرضا وطول
عهدته مر عشاء وفي ... عينيه ، من أطياف (قيس ) فلول
وزار دارا بين جدرانها ... صيف ، نبيذي الجنى والحقول
مضى إليها ذاهلا وانثنى ... عن بابها ، وهو ذهول الذهول
ذكريات شيخين
كان يا (عمرو) هنا بيت المرح ... زنبقي الوعد ، صيفي المنح الطيوف الحمر ، والخضر على ... مقلتيه ، كنعاقيد البلح
Page 135