Diwan

ديوان عبد الغفار الأخرس

Genres

Poésie

البحر : طويل 1

أتذكر أطلالا تعفت وأرسما

بذات الفضا في الجزع من أيمن الحمى

2

منازل أحباب بها نزل الهوى

فلم يبق إلا مدنف القلب مغرما

3

عرفنا الهوى من أين يأتي لأهله

بها والغرام العامري من الدمى

4

لئن أصبحت تلك المنازل باللوى

قصارى أماني الهوى فلطالما

5

وقفت عليها والهوى يستفزني

فأرسلت فيها الدمع فذا وتوأما

6

كأني على الجرعاء أوقفت عبرة

جرت بربوع المالكية عندما

7

وما أسأر البين المشت بقية

من الدمع إلا كان ممتزجا دما

8

فأصبحت أستسقي السحاب لأجلها

وما بل وبل السحب من مثلها ظما

9

خليلي إن الحب ما تعرفانه

خليلي لو شاهدتما لعلمتما

10

قفا بي على رسم لمية دارس

لكي تعلما من لوعتي ما جهلتما

11

Page 1

وإن لم تساعدني الجفون على البكا

بآثار مي فاسعداني أنتما

12

ومما شجاني في الدجنة بارق

بكيت له من لوعتي فتبسما

13

سرى موهنا والليل كالفرع فاحم

فقلت أهذا ثغر سعدى توهما

14

وأورى حشا الظلماء كالوجد في الحشا

وكالقلب يا ظمياء لما تضرما

15

وشوقني ثغرا ظمئت لورده

وهل أشتكي إلا إلى ورده الظما

16

شربت الحميا واللمى منه مرة

فلم أدر ما فرق الحميا من اللمى

17

وعيشا سلبناه بأسنمة النقا

وما كان ذاك العيش إلا منمنا

18

رعى الله أحبابا رعينا عهودهم

وعهدا وصلناه ولكن تصرما

19

وغانية من آل يعرب حكمت

هواها بقلبي ضلة فتحكما

20

أحلت مهاة الأبرق الفرد في الهوى

دما كان من قبل الغرام محرما

21

Page 2

وفي ذلك الوادي سوالب أنفس

رمين بأحداق السوانح أسهما

22

وكم من فؤاد قد جرحن ولم نجد

لما جرحت سود النواظر مرهما

23

أرى البيض لا يرعين عهدا لعاشق

وإن أوثق الصيب العهود وأبرما

24

وفي الناس من إن تبتليه وجدته

وقد كان شهدا في المذاقة علقما

25

وإني نظرت الناس نظرة عارف

وأبصرتهم خلقا وخلقا وميسما

26

فما أبصرت عيني كمحمود ماجدا

ولا كشهاب الدين بالعلم معلما

27

من السادة الغر الميامين ينتمي

إلى خير خلق الله فرعا ومنتمى

28

ولما تعالى بالفضائل رفعة

تخيلته يبغي العروج إلى السما

29

هو الصارم الماضي على كل ملحد

من الله لم يفلل ولن يتثلما

30

سل الفضل منه واسأل البر تغتدي

بأفضل ما حدثت عن من تقدما

31

Page 3

لقد ضاق صدر الدهر عن كتم فضله

فأظهره إذ كان سرا مكتما

32

بدت معجزات الحق حين ظهوره

فأعجز فيها المبسطين وأفحما

33

إذا المطعن المقدام شام يراعه

لما ظنه إلا وشيجا مقوما

34

وينشق من ظلماء ليل مداده

صباح هدى لا يترك الليل مظلما

35

له الكتب ما أبقت منلالغي باقيا

ولا تركت أمرا من الدين مبهما

36

وما هو إلا رحمة الله للورى

به ينقذ الله الأنام من العمى

37

فلو حققت عين الحقيقة ذاته

لقلنا هو النور الذي قد تجسما

38

كريم فما أعطى ليمدح بالندى

ولكنه يعطي الجزيل تكرما

39

مواطر أيديه المواطر دونها

تهاطل إحسانا وتمطر أنعما

40

وهيهات يحكيك السحاب وإن همى

نوالا . وفيض البحر علما وإن طمى

41

Page 4

نراك بعين النقد أفضل من نرى

ولم نرى أندى منك كفا وأكرما

42

وأقسمت لو أثريت أو نلت ثروة

لما تركت جدواك في الأرض معدما

43

علومك ملا حيزت لشخص جميعها

فهل كان ذاك العلم منك تعلما

44

حويت علوم الدين علما بأسرها

وأصبحت للعلم اللدني ملهما

45

تشيد دين الله بالعلم والتقى

ولو لم يشيده غلاك تهدما

46

حميت حدود الله عن متجاوز

فلم نخش من خرق وأنت لها حمى

47

وإن الذي أعطاك ما أنت أهله

أنالك شأنا لا يزال معظما

48

فنل أجر هذا الصوم واهنأ بعيده

ورم مجدعا أنف الحسود ومرغما

49

وإني متى أدع لمجدك بالبقا

دعوت لنفسي أن أعز وأكرما

50

فلا زلت فخر المسلمين وعزها

ألا فليفاخر فيك من كان مسلما

البحر : وافر تام 1

Page 5

وميض البرق هيج منك وجدا

فكدت تظنه من ثغر سعدى

2

ألم بنا بجنح الليل وهنا

كما جردت من سيف فرندا

3

توقد في حشا الظلماء حتى

وجدنا منه في الأحشاء وقدا

4

وجد بنا الهوى من بعد هزل

وكم هزل الهوى يوما فجدا

5

خليلي اذكرا في الجزع عهدي

فإني ذاكر بالجزع عهدا

6

وأياما عهدت بها التصابي

وكان العيش بالأحباب رغدا

7

زمان كم هصرت به قدودا

لبانات النقا وقطعت وردا

8

ولذات لأيام قصار

قضت أيامها أن لا تردا

9

بعيشك إن مررت بدار مي

وهاتيك الطلول فلا تعدى

10

لنقضي يا هذيم بها حقوقا

علينا واجبات أن تؤدى

11

Page 6

أتذكر يوم أقبلنا عليها

على إبل تقد السير قدا

12

وعجنا العيس عن نجد حثيثا

وخلفنا وراء العيسى نجدا

13

فروينا منازل دراسات

بها صرف النوى أزرى وأودى

14

بواعث لوعة ودموع عين

أمد العين منها ما أمدا

15

لئن خلقت منازلنا فإني

رأيت الوجد فيها مستجدا

16

ملكت وقوف جانحة إليها

ولم أملك لهذا الدمع ردا

17

وكانت للغرام ديار مي

مراحا كل آونة ومغدى

18

يودكما رفيقي ارفقا بي

إذا راعيتما للصب ودا

19

أعيناني على كلفي لعلي

أرى من هذه الزفرات بدا

20

Page 7

ولي كبد إلى الأحباب حرى

فهل تلقى لها يا سعد بردا

21

أحبتنا وإني قبل هذا

ونوليه به شكرا وحمدا

22

أزيدكم دنوا واقترابا

وقد زدتم مصارمة وبعدا

23

عديني يا أميمة بالتداني

وإن لم تنجزي يا مي وعدا

24

أرى سيقي فأذكر منك لحظا

وخطاري فأذكر منك قدا

25

أمنك الطيف واصلني وولى

فما بل الصدا مني وصدا

26

ولو أهديته أخرى لعيني

لأنعمني بما أسدى وأهدى

27

تهدى من زرود إلى جفوني

وما أدري إذا أنى تهدى

28

ولو أدى إليك حديث وجدي

عرفت إليك مني ما يؤدى

29

جفتني الغانيات فلا سبيل

إلى سلمى ولا إسعاف سعدى

30

وخاصمت الزمان فخاصمتني

حوادث لم تزل خصما ألدا

31

Page 8

فإن أظهرت للأيام مني

رضى عنها فقد أضمرت حقدا

32

سأترك للنياق بكل أرض

ذميلا من توقصها ووخدا

33

كما لابن الجميل أبي جميل

نياق مطالب الراجين تحدى

34

فتبلغ مقصدا وتنال عزا

كريم لم يفتني منه قصدا

35

فكم يولي الجميل أبو جميل

بجدوى أنبتت شيحا ورندا

36

إذا يممته يممت يمنا

وإن طالعته طالعت سعدا

37

لقد نال العلاء ومد باعا

إلى ما لا ينال وجاز حدا

38

هو الجبل الأشم من الرواسي

تخر له الجبال الشم هدا

39

أدام الله في الزوراء ظلا

قوام الدين والدنيا جميعا

40

وآمن أهلها كيد الرزايا

وإن لسائر الأرزاء كيدا

41

Page 9

فوقرها وقد مارت وقور

إذا حركته حركت طودا

42

وأية أزمة لم يدع فيها

ولم يمدد لها باعا أشدا

43

ومكرمة وإحسان وفضل

وما فيها سعى ولها تصدى

44

جميل ابن الجميل لكل حر

يؤمل منه إحسانا ورفدا

45

فقل للوفد غايته إليه

أوفد الأكرمين نعمت وفدا

46

بجود منه يترك كل حر

له في ذلك اإحسان عبدا

47

وفيض يد يكاد البحر منها

على طول المدى أن يستمدا

48

مرير السخط نشهد أن ما في

يثيب عفاته ضربا وشهدا

49

أبي لا يضام ورب ضيم

سعى لينال جانبه فأكدى

50

Page 10

شجاع ما انتضى الصمصام إلا

وصير مفرق الأعداء غمدا

51

وسيف الله والركن الأشدا

52

مناقبك التي مثل الدراري

نظمت بها لجيد الدهر عقدا

53

وجودك للوجود به حياة

ولولا أنت مهجته تردى

54

وبعض الجود منقصة وذم

وجودك لم يزل عزا ومجدا

55

وأمضى من شفير السيف حدا

56

يضيء ضياء منصلت صقيل

تجرد من قراب أو تبدا

57

وإني قد عرفت الناس طرا

ولم أعرف له في الناس ندا

58

فضلت العالمين بكل فضل

فلا عجب إذا أصبحت فردا

60

وفدتك الأماجد والأعالي

ومثلك في الأماجد من يفدى

61

Page 11

وما في الماجدين أجل قدرا

ولا أورى وأثقب منك زندا

62

ولا أوفى وأطل منك باعا

ولا أعلن إلى العلياء جدا

63

فدم واسلم كما نهوى وتهوى

تسر مواليا وتغيظ ضدا

64

Page 12

فإنك إن سلمت مع المعالى

فلا نخشى لكل الناس فقدا

البحر : وافر تام 1

إذا نبت الديار بحر قوم

فليس على المفارق من جناح

2

ومنذ وجدت من همي رسيسا

إلى روحي وأعوزني ارتباحي

3

وما صعرت للأيام خدي

ولم أخفض لنائبة جناحي

4

وضاق بي الخناق فلمت نفسي

وإن لم يلحني باللوم لاحي

5

وقد أصبحت في زمن ممار

يريني الجد من خلل المزاح

6

رفضت إقامتي وركبت أمرا

حريا أن يكون به صلاحي

7

تسير بنا بلج البحر فلك

كمثل الطير خافقة الجناح

8

وما زلنا بها حتى حللنا

صباحا في كويت آل الصباح

9

لدى قوم أعز الناس جارا

وأندى بالنوال بطون راح

10

أباة لا يطوف الضيم فيهم

ولا جار لهم بالمستباح

11

Page 13

غيوث مكارمم وليوث حرب

وأكفاء الشجاعة والكفاح

12

نزلت بهم على سعة ورحب

وأنس وابتهاج وانشراح

13

فقوم ساد عبد الله فيهم

فبالبأس الشديد وبالسماح

14

إذا نزلوا لعمر أبيك أرضا

حموها بالأسنة والرماح

15

فكم بدأوا بمكرمة وثنوا

وكم تحروا العدى نحر الأضاحي

16

سقو أعداءهم حمر المنايا

بسمر الخط والبيض الصفاح

17

وما زالت مكارمهم تنادى

لدى الآمال حي على الفلاح

18

بأيديهم شكيمة ذي اقتدار

ترد الجامحين عن الجماح

19

هم وضعوا أفاويق المعالي

كما رضع الفصيل من اللقاح

20

Page 14

إذا ما زرتهم يوما وفى لي

ضميني للزيارة بالنجاح

21

بهم أطلقت ألسنة القوافي

بما تمليه من كلم فصاح

22

لقد مزجت محبتهم بروحي

مزاج الراح بالماء القراح

23

كأن مديحهم عندي عقار

به كان اغتباقي واصطباحي

24

ثملت بهم وما خامرت خمرا

ولا راحي بسطت لكأس راح

25

ألذ من المدامة للندامى

وها أنا في هواهم غير صاح

26

ولو أني اقترحت على زماني

وأعطاني الزمان على اقتراحي

27

لما فارقهم يوما ومالي

إذا وفقت عنهم من براح

28

Page 15

ويأبى ذاك لي قدر متاح

ونحن بقبضة القدر المتاح

البحر : طويل 1

بلغت بحمد الله ما أنا طالب

زمانا وهنتني لديك المطالب

2

فأصبحت لا أجرو سوى ما رجوته

مراما وما لي في سواك مآرب

3

وقد كنت من غيظي على الدهر عاتبا

فما أنا في شيء على الدهر عاتب

4

لئن كان قبل اليوم والأمس مذنبا

فقد جاءني من ذنبه وهو نائب

5

وجدت بك الأيام مولاي طلقة

وسالمني فيك الزمان المحارب

6

وقد شمت من جدواك لي كل بارق

ونوؤك مرجو وغيثك ساكب

7

فلا الأمل الأقصى البعيد بنازح

لدي ولا وجه المطالب شاحب

8

وهل تنجح الآمال وهي قصية

وتبلغ إلا في نداك الرغائب

9

لقد حسنت فيك الرعية بعدما

أساءت إليها بالخطوب النوائب

10

وألهمتها فيما تصديت رشدها

ألا إن هذا الرشد للخير جالب

11

Page 16

كففت يد الأشرار من كل وجهة

فلا ثم منهوب ولا ثم ناهب

12

ومن لوزير قلد الأمر ربه

نظيرك شيخا حنكته التجارب

13

بصير بتدبير الأمور وعارف

بمبدئها ماذا تكون العواقب

14

أذل بك الأخطار وهي عزيزة

فهانت عليه في علاك المصاعب

15

تريه صباح الرأي والأمر مبهم

ألنت له في قسوة البأس جانبا

16

فأصبح لم يعرض عن الناس لطفه

ويحضر فيهم بأسه وهو غائب

17

وبأسك لا البيض الصوارم والقنا

وجودك لا ما تستهل السحائب

18

وما زلت حتى يدرك المجد ثأره

وتشرق في آفاقهن المناقب

19

بأيديك سحر الخط لا الخط تنثني

فتثني عليها المرهفات القواضب

20

تخر لك الأقلام في الطرس سجدا

لما أنت تمليه وما أنت كاتب

21

Page 17

إذا شئت كانت في العداة كتايبا

وهيهات منها إذ تصول الكتايب

22

تقرط آذان الرجال بحكمة

حكتها اللئالي رونقا أو تقارب

23

متى أفرغت في قالب الفكر زينت

وزانت من الألباب تلك القوالب

24

بهن غذاء للعقول وشرعة

تسوغ وتصفو عندهن المشارب

25

تصرفت في حلو الكلام ومره

فأنت مجد كيف شئت ولاعب

26

ذهبت بكل منهما كل مذهب

ذهابا وما ضاقت عليك المذاهب

27

فمن ذكر وجد يسلب المرء لبه

على مثله دمع المتيم ذائب

28

ومن غزل عذب كأن بيوته

مسارح آرام النقا وملاعب

29

وفي الباقيات الصالحات مثوبة

من الله ما يبدو من الشمس حاجب

30

Page 18

دمغت بها من آل حرب عصابة

تناقشهم في صنعهم وتحاسب

31

تناقلها الركبان عنك فأصبحت

تجاب بها أرض وتطوى سباسب

32

مغيظا من القوم الذين تقدمت

لهم في المخازي الموبقات مكاسب

33

غضبت بها لله غير مداهن

وغيرك يخشى كاشحا ويراقب

34

ومواهب من رب كريم رزقتها

وما هذه الأشياء إلا مواهب

35

أروح أجر الذيل أسحب فضله

وإني لأذيال الفخار لساحب

36

بمن لم يقم في الأكرمين مقامه

ولا ناب عنه في الحقيقة نائب

37

فقد وجدت بغداد والناس راحة

وقد أتعبتها قبل ذاك المتاعب

38

قضى عمري طال في العز عمره

أقاربه مسرورة والأجانب

39

وإن قلت ما جاء العراق ولا نرى

نظيرا له فينا فما أنا كاذب

40

بنادرة الدنيا وفرحة أهلها

أضاءت لنا أقطارها والجوانب

41

Page 19

أمولاي ما عندي إليك وسيلة

تقربني زلفى وإني لراغب

42

محاسن شعري ما إذا أنا قستها

بشعرك والإنصاف فهي مثالب

43

وإني مع الإطناب فيك مقصر

وإن كان شعري فيك مما يناسب

44

أهنيك فيه منصبا أنت فوقه

بمرتبة لو أنصفتك المراتب

45

فإنك شرفت المناصب كلها

وما أنت ممن شرفته المناصب

46

وهنيت نفسي والعراق وأهله

وكل أمرىء أهل لذاك وصاحب

47

وزفت إلأيه كل عذراء باكر

كما زفت البيض الحسان الكواعب

48

قواف بها نشفي الصدور وربما

تدب إلى الحساد منها عقارب

49

شكرتك شكر الروض باكره الحيا

وشكرك مفروض ومدحك واجب

50

Page 20