خَليلَيَّ مُرّا بي على أُمِ جُنْدَبِ ... نُقَضِّ لُبَانَاتِ الفُؤادِ المُعذَّبِ (١)
فَإنّكُمَا إنْ تَنْظُرَانيَ سَاعَة ً ... من الدهرِ تَنفعْني لَدى أُمِّ جُندَبِ
ألمْ تَرَيَاني كُلَّمَا جئتُ طارِقًا ... وَوَجدْتُ بهَا طِيبًا، وَإنْ لم تَطَيَّبِ (٢)
عَقيلَة ُ أتْرَابٍ لهِا، لا دَمِيمَة ... وَلا ذَاتُ خَلقٍ، إنْ تأمّلتَ جَأنّبِ (٣)
ألا ليتَ شِعرِي، كيفَ حادثُ وَصْلِها؟ ... وكيْفَ تُرَاعي وُصْلَة َ المُتَغَيِّبِ؟ (٤)
أقَامَتْ على مَا بَيْنَنَا، مِنْ مَوَدّةٍ ... أُمَيمَةُ أَمْ صَارَتْ لقَولِ المُخَبِّبِ؟ (٥)
فَإنْ تَنْأَ عَنْهَا، حِقْبَةً، لا تُلاقِها ... فإنّكَ مِمّا أحْدَثَتْ، بالمُجَرِّبِ
وَقالَتْ: مَتى يُبْخَلْ عَلَيكَ وَيُعتللْ ... يسوكَ، وَإن يُكشَفْ غرَامُكَ تدرَبِ
تَبَصّرْ خَليلي هلْ تَرَى مِنْ ظَعائنٍ؟ ... سَوَالِكَ نَقْبًا بينَ حزْمَيْ شَعَبْعَبِ (٦)
عَلَوْنَ بأنْطاكيّة ٍ فَوْقَ عِقْمِةٍ ... كجِرْمةِ نَخْلٍ، أوْ كجَنّةِ يَثْرِبِ (٧)
وَلله، عَيْنَا، مَنْ رَأى مِنْ تَفَرُّقٍ ... أشَتّ، وَأنأى من فِرَاقِ المُحَصَّبِ (٨)
فرِيقانِ: مِنْهُمْ جازعٌ بَطنَ نَخْلَةٍ ... وآخَرُ منهُم قاطعٌ نَجْدَ كَبْكَبِ (٩)
_________
(١) لبانات الفؤاد: حاجات الفؤاد.
(٢) طارقًا: الطارق؛ الزائر ليلًا.
(٣) العقيلة: الكريمة المخدّرة. الجأنب: القصير القبيح.
(٤) المتغيب: الزوج الغائب.
(٥) المخبّب: المفسد.
(٦) السوالك: الإبل تسلك فجاج الأرض. النقب: الطريق في الجبل. شعبعب: ماء باليمامة لبني قشير.
(٧) العقمة: ضرب من الوشي. الجرمة: ما صرم من النخل وألقي في الأرض.
(٨) المحصّب: المكان الذي ترمى فيه الجمار في منى.
(٩) كبكب: اسم جبل.
1 / 74