Discussions on Creed in Surah Az-Zumar
مباحث العقيدة في سورة الزمر
Maison d'édition
مكتبة الرشد،الرياض،المملكة العربية السعودية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٥هـ/١٩٩٥م
Genres
الوجه الثاني: أن تحصيل الولد بهذا الطريق إنما يصح في حق من لا يكون قادرًا على الخلق والإيجاد والتكوين دفعة واحدة فلما أراد الولد وعجز عن تكوينه دفعة واحدة عمد إلى تحصيله بالطريق المعتاد أما من كان خالقًا لكل الممكنات قادرًا على كل المحدثات، فإذا أراد إحداث شيء قال له: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ ومن كان هذا الذي ذكرنا صفته ونعته امتنع منه إحداث شخص بطريق الولادة وهذا هو المراد من قوله تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ .
الوجه الثالث: وهو أن هذا الولد إما أن يكون قديمًا أو محدثًا، وليس من الجائز أن يكون قديمًا لأن القديم يجب كونه واجب الوجود لذاته، وما كان واجب الوجود لذاته كان غنيًا عن غيره، فامتنع كونه ولدًا لغيره فبقي أنه لو كان ولدًا لوجب كونه حادثًا فنقول: إنه - تعالى - عالم بجميع المعلومات فإما أن يعلم أن له في تحصيل الولد كمالًا، ونفعًا أو يعلم أنه ليس الأمر كذلك، فإن كان الأول فلا وقت يفرض أن الله - تعالى - خلق هذا الولد فيه إلا والداعي إلى إيجاد هذا الولد كان حاصلًا قبل ذلك ومتى كان الداعي إلى إيجاده حاصلًا قبله، وجب حصول الولد قبل ذلك، وهذا يوجب كون ذلك الولد أزليًا وهو محال، وإن كان الثاني فقد ثبت أنه - تعالى - عالم بأنه ليس له في تحصيل الولد كمال حال ولا ازدياد مرتبة في الألوهية وإذا كان الأمر كذلك وجب أن لا يحدث البتة في وقت من الأوقات وهذا هو المراد من قوله تعالى: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ ١.
ولا يفوتنا أن نقول: أنه ليس أعظم جرمًا وأقبح إثمًا ممن زعم أن الله متصف بصفات المحدثين من الجهلة المشركين واليهود المعاندين والنصارى الضالين، وأن مؤمني الجن لأحسن حالًا منهم وأكمل إيمانًا إذ أنهم نفوا عن الله الصاحبة والولد كما قال تعالى حكاية عنهم: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا﴾ ٢.
ومن الآيات التي ترد على شبهة النصارى أن عيسى وجد من أم بلا أب يقتضي أن يكون ابنًا لله قوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ٣، وهذه الآية نزلت عند حضور وفد نصارى نجران على الرسول ﷺ كما ذكر
١- تفسير الرازي ١٣/١١٨ - ١١٩ وآية: ١٠١ من سورة الأنعام. ٢- سورة الجن، آية: ٣. ٣- سورة آل عمران، آية: ٥٩.
1 / 103