Diraya
كتاب الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية
Genres
(ألا لعنة الله على الظالمين). ولم يلعن الله مؤمنا .
يا بني : لا تجازي المسيء بسوء عمله ، ولكن كله إلى الله فهو يجازيه .
يا بني : إذا صمت فاغسل وجهك ، وادهن رأسك ، وارفع صوتك عند الملأ حتى لا يعلمون أنك صائم ، فإن إلهك الذي تعمل له في السر هو يجزيك في العلانية . فإن الصيام لو لم يكن منه شيء إلا أنه مقطعة لكثيرمن الشهوات والخطايا لحقيق أن يسارع فيه ، واستكثر منه . فإنك لا تزال في عبادة حسنة ما دمت صائما ، وإن كنت راقدا ، أو ضيعتك .
وقد ذكر أن الله تبارك وتعالى يقول (( الصيام لي وأنا أجزي به )) .
وكان يقال : (( إن الصيام جنة من النار يوم القيامة )) .
فإذا صمت فليصم سمعك وبصرك وجوارحك كلها من الخطايا ، فإن ذلك من أفضل الصيام .
يا بني : ضع مالك عند من لا يضيعه لك ويضعفه لك ، ولا تدفنه فتأكله الأرض ويذهب به من لا يحمدك عليه .
يا بني : سارع في الصدقة ما استطعت مما قل أو كثر ، فإن الصدقة لو لم يكن فيها شيء إلا أنها تعين بمواعد الله فيها لكنت حقيقا أن تسارع فيها ، بل أنها فكاك رقبتك من النار ، وغسول الخطايا ، فإن ذلك من أفضل العمل .
وكان يضرب مثلها كمثل رجل طلب بدم ، فأخذه أهل المقتول ، فلما أخذوه افتدى منهم بماله فلم يزل يعطي قليلا ة كثيرا حتى عتق وهي مخشعة للقلب فأسرها ما استطعت .
وضعها بالذي افترض عليك من الحق ، واعلم أن كل نفقة من غير الحق فهي تبذير وإن قلت ، وقد قال الله :
(إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ) .
( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) .
يا بني : استيقن بالموت فإنك ميت ، ولا تشمت أحدا بالموت فإنك ميت لا محالة ، وحاسب نفسك قبل أن تدعا إلى الحساب ، يقول الله :
(فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) .
Page 248