Histoire de l'étude de la langue arabe en Europe
تاريخ دراسة اللغة العربية بأوروبا
Genres
21
وكان أستاذا بجامعة فيينا من سنة 1868 لتدريس تاريخ الأمم الإسلامية، والخطوط القديمة العربية، والعلوم الخاصة بها، وعينه القيصر فرانز يوسف سنة 1899 مديرا لدار الكتب الإمبراطورية، وتولى هذا المنصب لغاية سنة 1917، وكان رجلا ذا هيبة ووقار، متحليا بكل صفات الطبقة الراقية في الهيئة الاجتماعية من حاشية بلاط القيصر، فضلا عن اللطف ودماثة الأخلاق اللتين اتصف بهما، وهذه صورة الأستاذ المدير يوسف الفارس كراباسك بلباسه الرسمي في أكاديمية العلوم.
ومن أشهر المستشرقين في زمننا الحديث الأستاذ:
ماكسيمليان بتنر
Maximilian Bittner
وهو خاتم بحثنا هذا. ولد بتنر في فيينا سنة 1869، وبعد أن أتم دروسه الابتدائية التحق في جيمنازيوم الاسكوتلاندية بفيينا، وأظهر في صغره رغبة شديدة في تعلم اللغات، ثم دخل مدرسة الألسن الشرقية بفيينا، ودرس فيها اللغة العربية تحت إرشاد الأستاذ أدولف وارموند، وتعلم اللغة التركية من الأستاذ سعد الدين أحمد أفندي المقيم بفيينا، والعبرانية من المعلم يعقوب أوبر ماير الذي مكث سنين عديدة في بغداد، وهو مترجم الدولة بمحكمة فيينا، ثم درس اللغة الأرمنية من الآباء المحيطا ريست بفيينا أصحاب المطبعة الشرقية، وتعلم الفارسي من ميرزا حسين بفيينا، ومن أساتذته الأستاذ كراباسك، وارموند ومولر وكيومجيان وداجيان، ثم التحق بجامعة فيينا، ونال منها دبلوم دكتور سنة 1892، وسنة 1904 تعين أستاذا فيها للغات الشرقية، وكان منذ سنة 1892 معاونا في الكتبخانة الخاصة بالشرق بالجامعة، وكان حاضرا للمؤتمر الشرقي العمومي في روما سنة 1899، وفي سنة 1913 عين عضوا لأكاديمية العلوم، وأستاذا في الأكاديمية الشرقية التي غير اسمها باسم أكاديمية القناصل، أما عبقرية بتنر ونبوغه في اللغات العديدة، فلا يمكن لأحد أن ينكرهما؛ فقد أتقن اللغات: الألمانية، والفرنساوية، والإنكليزية، والإيطالية، والمجرية، والإسبانيولية، والبوهيمية ، والصربوكرواتية، واللاتينية، واليونانية القديمة، والحديثة، والبرتغالية، والهولاندية، والسويدية، والرومانية، والروسية، والألجية، والعربية، والفارسية، والتركية مع فروعها الجغاطابية، والسريانية، والحبشية القديمة الإثيوبية، والأمحرية الحديثة، والأرمنية، والبوشطو الأفغانية، والبلوجية، والمهرية من حضرموت، والآشورية، ولغة جزيرة سكوترة، والكردية، والعسيوية، والسنسكريتية، واليابانية، والصينية، والطيبطانية، وسبع لغات هندية، ثم السبائية، والبهلوية الفارسية، والقبطية، والسواحلية، والملاجشية، والجورجية.
Max Bittner.
أليست هذه عبقرية لا نظير لها في الوجود، أليست تلك الروح العظيمة حقا فيها من نور الله؟ لقد أتقن بتنر هذه اللغات إتقانا لم يبلغه مستشرق قبله، وقد أصدر بتنر حتى وفاته القواعد الأصلية لثلاث عشرة لغة شرقية، الأمر الذي برهن على غزارة فكرية عجيبة، ومحصول علمي رعته روحه.
وتآليف بتنر المهمة جدا التي تبحث في اللغات السامية، وخصوصا لغات ولهجات جنوبي وشرقي اليمن بجزيرة العرب، والتي تتوغل في تصريف وقواعد لسان المهري الذي سماه بالأحكيلي، ثم الشوري، والسكوتري - مما تقدم البرهان القاطع على غزارة مادته، وتقدمه العلمي، ومما يبرهن على أن بتنر أتقن هذه اللغات الثلاث عشرة أنه درسها بجهد نادر مدة 12 سنة، وقد أصدرت أكاديمية العلوم هذه المباحث في ثلاثة مجلدات، وألف بتنر أيضا كتاب «أول قصيدة العجاج» طبع سنة 1896، و«أهمية العربي على التركي والفارسي»، ثم «الكتاب المقدس لقبائل يزيد عباد العفريت». وفي موت بتنر خسارة عظيمة للعلم لا يمكن تعويضها؛ فقد مات ولم يزد عمره على تسعة وأربعين عاما، وكان يقطن في قصره الخاص بمدلينج بالقرب من فيينا، وكان قصره مفروشا على الطرز العربي تماما، ومحلى بالمنقوشات الكوفية والفارسية والتركية والهندية وغيرها، وكان بين حين وآخر يريح نفسه، ويشتغل بالألعاب الرياضية؛ ليجدد من قوته كي يحتمل أتعاب البحث العلمي، وكي يساعد عقله على الاستمرار في الدرس. ومن سوء الحظ أنه بينما كان ذات مرة يقطع بعض الأخشاب، وهو في تمرينه الجسدي، إذ هوى بالقادوم على أصبعه، ودخل السم في الجرح، ولم تسعف المعالجة شيئا؛ فمات سريعا وهو لا يزال في مقتبل العمر وقوة الرجولة. مات رحمه الله في يوم 7 أبريل سنة 1918 بمدينة مدلينج، ومشى في جنازته أكبر كبراء الدولة، وواروه التراب، ووضعوا معه قلوبهم الدامية، وخسرانهم على فقدهم كنزا لا يعوض، وقد منحه الإمبراطور فرانز يوسف سنة 1917 نيشان «التاج الحديدي» من الدرجة الثالثة، وأصبح بتنر بذلك فارسا، وقد عرض عليه من النياشين الأخرى العديدة الكثير، إلا أن بتنر رفض بكل أدب قبول غير النيشان المذكور. وكان رحمه الله حسن المجلس يجذب بحديثه كل سامعيه، وكان كل من جالسه مرة يغبط نفسه على ذلك ويفاخر أصدقاءه ومعارفه، وترى صورة الأستاذ بتنر في [الصورة السابقة].
الخاتمة
Page inconnue