Études sur les courants littéraires et sociaux
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
Genres
قلة الشعر المستقل وكثرة الشعر الذي يعتمد على الغناء والمناظر المسرحية، ويقترن به الرقص ومواقف الغزل واللهو على الإجمال.
تلك هي الاتجاهات الشائعة التي تعم الجمهرة القارئة ولا تتخصص بطائفة من طلاب المطالعة التي لم تتأثر بانتشار الصحافة المبتذلة وبرامج الإذاعة ومعارض الصور المتحركة.
إلا أنها - كما قلنا - اتجاهات شائعة تحكمها العددية، ولا تلغي وجود الاتجاهات الجدية التي تستعد للأدب بثقافة عالية أو فهم راجح، ورغبة صادقة في الاستفادة وتهذيب العقل والذوق.
فإلى جانب القصص الغريزية والمناظر المثيرة، توجد المطالعات الرفيعة في النقد والتاريخ والتحليلات النفسية، وتوجد التصانيف التي يدرسها الطالب في جامعته، وتشتمل عليها برامج التعليم في مراحله العالية.
وربما كان نصيب النقد أكبر من نصيب الخلق والابتداع في هذه المطالعات الجديدة، ولكنه نقد مستقل في كثير من موضوعاته، وكل استقلال فهو نوع من الخلق والإنشاء وإن لم يأت بثمرة جديدة؛ لأن الاستقلال في النقد كالإبداع في ثمرات الفنون، كلاهما يعتمد على «شخصية» المؤلف وموازينه التي لا تختل بالمحاكاة أو بالمجاراة.
وطوالع الأمل تبشر بالانتقال من هذه الحالة إلى حالة خير منها؛ لأنها تبشر بالتخصص بين القراء كما تبشر بالتخصص بين الأدباء.
فالقصة المهذبة توجد إلى جانب القصة الغريزية وإن كانت الآن لا تروج مثل رواجها.
وقلة الشعر المستقل أو المحض لا تدل على انطفاء شعلة الشعر في النفس الإنسانية، ولا نحسب أن هذه الشعلة تنطفئ في وقت من الأوقات؛ إذ كان الشعر ملكة إنسانية لم تتجرد منها قبيلة من قبائل البشر وصلت إلى طور التفاهم والتخاطب، ولا شك أنه أول ما يسيغه الطفل الوليد من الكلام؛ لأنه يتأثر به في المهد قبل أن يفهم ما يقال بلغة الخطاب.
إنما قل الشعر المحض؛ لأن موضوعه مشترك في العصر الحاضر بين كثير من التعبيرات التي تؤدي رسالته أو تنوب عنها، ومنها السماع الميسر في جميع البيوت من طريق الإذاعة أو طريق الأسطوانات، ومنها التعبيرات العاطفية التي تنفس عن شعور القارئ والسامع كلما اطلع على خبر أو حادث ينبه إحساسه ويشغل خاطره كما كانت تشغله من قبل قصائد الشعراء.
ونحن في عصر يجمع بين النقيضين؛ لأنه عصر المشاهدات العالمية التي تواجه الإنسان كل يوم بملحمة مفعولة وإن لم تكن ملحمة منظومة أو مقروءة.
Page inconnue