Études philosophiques islamiques
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Genres
وجاءت الأحزاب التقدمية فعالجت موضوع التقدم بعقلية متخلفة، فقاومت التفاوت الطبقي دون القضاء عليه من جذوره في الوجدان، وناهضت القهر دون حله من جذوره التاريخية، وتصدت للتخلف وظنته في نقص معدل التنمية الاقتصادية دون القضاء على معوقات التقدم في الذهن وما ترسب في الوعي القومي.
هذه القيم الأساسية والمفاهيم النظرية لا شأن لها بفلسفة التنوير في الغرب، بل حاول الغرب الاقتراب منها فوقع في حدود العنصرية والرومانسية.
16
بل هي أهم مقولات العلوم الإسلامية القدمة خاصة عند المعتزلة والفلاسفة. وهي في الوقت نفسه تعبر عن متطلبات الحاضر، وتمتد جذورها عند القدماء. إن لم تتأسس إسلاميا، وإن لم تعرض نفسها عرضا محليا تعبيرا عن حاجات الأمة فإن المجتمع سيظل يستلهم حاجاته من التراث الغربي، رافضا الفكر الإسلامي باعتباره على نقيض ما يبحث عنه. هكذا فعل القدماء مع التراث اليوناني عندما حولوه إلى تراث محلي خالص، فوجد المسلمون في فكرهم العقل والطبيعة، والأخلاق والسياسة، وهي القيم التي لا بديل عنها في أية نهضة معاصرة أو تخطيط مستقبلي للدور الثقافي للفكر الإسلامي.
ثالثا: مدى ما يمكن أن يسهم به الفكر الإسلامي المعاصر في
مواجهة قضايا العصر ومشكلاته وتحدياته
ليست القيم الإسلامية وتصورات الإسلام الأساسية مجرد فلسفة نظرية أو مذهب فلسفي يكتفي به الإنسان ويقتنع به، يملأ عليه حياته، ويعطيه الطمأنينة والسكون، بل مجرد إعداد ذهني للإنسان لمواجهة تحديات عصره ومشكلات جيله، يمده بطاقة وقدرة، ويحدد له خططه وغاياته. الفكر الإسلامي على هذا النحو فكر نضالي يقوم على المواجهة كما كان في بدايته يقوم على «أسباب النزول» أي إن الواقع سابق على الفكر، وإن المشكلة الاجتماعية هي التي تتحدى الفكر، وتطالبه بمقابلة التحدي بتحد مماثل. وقد كان عمر بن الخطاب يقبل التحدي ويفرض حلا بحكم البديهة والمصلحة فيأتي الوحي مؤيدا لاجتهاده. لا مكان إذن لفكر إسلامي خارج الزمان والمكان، يقول كل شيء ولا شيء، يسهب ويطيل في لاموضوع أو يتناول موضوعات لا وجود لها، لا يثير قضية، ولا يضع مشكلة أو يتطلب حلا. يقتصر على المبادئ العامة دون تطبيقها في مجتمع بعينه في لحظة تاريخية محددة، وفي مشكلة بعينها حتى يمكن أن تظهر قدرة الفكر الإسلامي على مواجهة التحديات وإيجاد حل للمعضلات. وفي هذه الحالة يكون الفكر الإسلامي مخاطرة ومغامرة، ومعركة وصراعا وليس مجرد إعلان لحسن النيات ولكمال الإسلام!
وعلى سبيل المثال يمكن للفكر الإسلامي أن يواجه قضايا العصر الأساسية وهي بالنسبة لنا يمكن إجمالها في ست: (1) تحرير الأرض من الاحتلال والغزو
إن أول قضية تعرض لنا هي قضية احتلال الأرض، سواء من الاستعمار القديم (فما زالت هناك أراض محتلة من المغرب وأفغانستان وكشمير)، وهي كلها أراض يعيش عليها المسلمون، وبالتالي تدخل في دار الإسلام أو في الغزو الاستيطاني الجديد في قلب العالم الإسلامي والوطن العربي في فلسطين. ويمكن إيراد أسباب الاحتلال من الدراسات التاريخية وكيفية مقاومته من علوم السياسة. ولكن ما يهمنا هو كيف يمكن للفكر الإسلامي أن يساهم في كيفية تحرير الأرض من الاستعمار القديم والغزو الاستيطاني الجديد. وطالما استعملناها للحماس في أجهزة الإعلام دون جدية من أجل إعداد الجماهير لأخذ مصائرها بيدها. مثلا: (أ)
الله والأرض في القرآن وحدة واحدة كما يبدو ذلك في عديد من الآيات؛ مثل:
Page inconnue