Études philosophiques islamiques
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Genres
4
فالمغرب هو المغرب الغربي وليس المغرب العربي بفارق نقطة واحدة تحول العين إلى غين. وعلى هذا النحو يكون المشرق العربي في مقابل المغرب العربي وليس في مواجهة الغرب المسيحي، ويتحول التناقض الثانوي - على فرض التسليم به جدلا - بين جناحي العالم العربي في المشرق والمغرب إلى تناقض رئيسي. ويتحول التناقض الرئيسي بين المغرب العربي والغرب الاستعماري إلى تناقض ثانوي، بل إلى وئام جغرافي وثقافي وحضاري!
5
سادسا: العروبة وفلسطين
ويظل استدلال المؤلف مستمرا من التقابل بين مصر وتونس إلى التضاد بين المشرق العربي والمغرب العربي إلى أن يصل مداه في إنكار القومية العربية وجعل العروبة من اختراع المشرق العربي دون المغرب العربي، ثم التسليم بالمشروع الصهيوني. فالفكرة العروبية إنما نشأت في المشرق لتشييد أمة مجددة في المشرق، وليس في المغرب. والثقافة العربية المعاصرة تتصف بضحالة مؤلمة كما وكيفا فاقدة للنفس والتقنية! إنتاجها الأدبي تسوده السذاجة وتغيب عنه الطلاوة ويعكس عالما ساذجا. بل إن الطبقة الاجتماعية ليست عاملا موحدا بين العرب. فالبرجوازي في بغداد غيره في القاهرة، والبرجوازي في تونس غيره في الجزائر، وكأن التجزئة تستعصي على شتى الاختيارات الأيديولوجية الفكرية المثالية أو الماركسية الاجتماعية، وكأن الاختيار الوحيد هو الانتقائية المنهجية التي تبرز عناصر التجزئة وتخفي عناصر الوحدة والتي لا تنفي شرعية انتقائية مضادة تبرز عناصر الوحدة وتخفي عناصر التجزئة. ويكون التحدي إذن هو اكتشاف جدلية الشرعيتين، التجزئة والوحدة. التجزئة وحدها هي الرصيد الوجداني، هي هذا الجدار الباطني الذي يقف حاجزا بين البدوي في تونس ونظيره في الأردن أو العراق، فالأول جرفه الحضر تحت وطأة هجرة العمالة، والثاني حافظ على بدويته الأولى وكأن هناك عنصرا عربيا نقيا أصيل السمات وهي نظرة عرقية تنافي العروبة التي ترتكز على اللغة والثقافة والحضارة والتاريخ المشترك والتراث القديم.
1
وينكر المؤلف على الأمة العربية حاليا أي إبداع كما أنكر من قبل تاريخها. فالشقة الآن بعيدة بين أدنى مؤرخ أو فيلسوف قديم، وبين أكبر مؤرخ أو فيلسوف حديث في الوضع الذي عليه العالم العربي الآن، وكأن أجيالنا الحالية ليست وراء فجر النهضة الحديثة ولم تقم بحركات التحرر ولم تنشئ الدول الحديثة، وكأنها لا تشارك في هموم مشتركة ومصالح مشتركة، وكأنها لا تواجه أعداء مشتركين. وإذا لم يحقق الشعب العربي حتى الآن وحدة النضال إلا أنه يمارس نضال الوحدة.
2
بل إن المؤلف ينكر على العرب أخذهم اليابان نموذجا للتحديث، وهو ما كان يدعو له الأفغاني من قبل، ورواد النهضة العربية منذ القرن الماضي؛ نظرا لأن العرب لا يملكون ما تملكه اليابان، وهو مشروع التصنيع الذي سبق العرب بقرن، وعدم تعرضه للغزو الاستعماري كما تعرض العرب، وعدم تمسكه بإرادة سياسية أدت إلى هزيمته واقتصاره على نمو اقتصادي، على خلاف العرب الذين يحرصون على إرادة سياسية تجعل لهم مكانا في التاريخ!
3
Page inconnue