Études sur la Muqaddima d'Ibn Khaldoun

Sati al-Husri d. 1388 AH
55

Études sur la Muqaddima d'Ibn Khaldoun

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Genres

وأما العراق فكان في عهد ابن خلدون تحت حكم الجلائريين حتى استيلاء تيمور، ولكن حكم الجلائريين لم ينحصر بالعراق العربي وحده، بل كان يشمل القسم الغربي من إيران، وعلى الأخص إقليم أذربيجان أيضا.

والسلاطين الجلائريون كانوا اتخذوا بغداد «العاصمة الشتوية»، وتبريز «العاصمة الصيفية» لسلطنتهم المؤلفة من قسم عربي وآخر إيراني. «إن ابن خلدون لم يذهب إلى العراق، ولم يتصل بأحد من حكام العراق ورجاله.» (1-4) الوحدة الأدبية والثقافية

مما تجدر ملاحظته أن العالم العربي في عصر ابن خلدون كان يتمتع بوحدة أدبية وثقافية واضحة المعالم، على الرغم من تفككه السياسي الذي وصفناه آنفا.

كانت وحدة اللغة تربط مختلف أقطار العالم العربي بروابط معنوية قوية، وتعمل على الدوام على تقارب الأفكار وتجاوب النفوس، كما أن حركات التجارة من ناحية، وفروض الحج من ناحية أخرى كانت تولد تيارات مستمرة تسهل التعارف بين سكان الأقطار المختلفة، وتساعد على انتقال الأفكار والأخبار بين هذه الأقطار.

كان الأدباء والفقهاء والعلماء يتصلون بعضهم ببعض بالمخابرة أو بالمشافهة، وكانت ثمرات قرائحهم تنتقل من قطر إلى قطر إلى آخر بسرعة وسهولة، وكانت شهرة الكبار منهم تنتشر على جميع الأقطار العربية.

وربما كانت حياة ابن خلدون نفسه من أبلغ الأمثلة وأوضح الأدلة على هذه الوحدة الأدبية والثقافية، التي كانت تبسط أجنحتها على جميع البلاد العربية، على الرغم من اختلاف أوضاعها السياسية، وعلى الرغم من منافسات حكامها ومخاصماتهم المتوالية.

وهذه الوحدة الأدبية هي التي تفسر لنا سهولة انتقال ابن خلدون من قطر إلى آخر، وسرعة انتشار شهرته بين هذه الأقطار؛ فإننا نجده يخطب ويدرس في الجامع الكبير في غرناطة، وفي جامع القرويين في فاس، وفي جامع القصبة في بجاية، وفي جامع الزيتونة في تونس ، كما نجده يعقد حلقات التدريس في جامع الأزهر غداة وصوله إلى القاهرة، ونجده في الأخير يجتمع بعلماء الشام في المدرسة العادلية بدمشق.

إن بعض المخابرات المدونة في ترجمة حياة ابن خلدون تعطينا أمثلة أوضح من ذلك على الوحدة الفكرية والأدبية التي أشرنا إليها آنفا.

عندما كان ابن خلدون مقيما في بيسكرة - في المغرب الأوسط - يتلقى كتابا من الوزير لسان الدين ابن الخطيب في غرناطة، يتكلم فيه عن مؤلفاته، كما يصف له ما حدث من الوقائع السياسية في الأندلس، وابن خلدون يرد عليه بكتاب طويل يخبره به ما حدث في المغرب الأوسط، ثم ينقل إليه ما وصل إلى علمه من حوادث مصر أيضا.

وعندما كان ابن خلدون في ينبع - خلال رحلته لأداء فريضة الحج - يتلقى كتابا من ابن زمرك - كاتب سر السلطان ابن الأحمر في غرناطة - يعطيه بعض الأخبار، ويرسل له بعض القصائد، ويطلب منه بعض المعلومات وبعض الكتب.

Page inconnue