Études sur la Muqaddima d'Ibn Khaldoun
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Genres
فإننا نجده دائما يعزو أهمية كبيرة إلى أفاعيل المعاشرة والممارسة والألفة والاعتياد، ويبرز الأخلاق والنزعات التي تنجم عن ذلك بكل توسع واهتمام.
إن الآراء المندمجة في العبارات التالية أوضح دليل على ذلك وأقوى برهان: «الإنسان ابن عوائده ومألوفه، لا ابن طبيعته ومزاجه» (ص125). «إن تكون السجايا والطبائع إنما هو من المألوفات والعوائد» (ص138). «إن العوائد تقلب طباع الإنسان إلى مألوفها، فهو ابن عوائده، لا ابن نسبه» (ص374).
4 (1)
يهتم ابن خلدون بوجه خاص بالعوامل الاجتماعية، ويتوسع ويتعمق في درس تأثير هذه العوامل في تكوين الطبائع والسجايا الخلقية والعقلية، فإنه يرى أن خصال البأس والشجاعة، والانقياد والطاعة، وجميع مذمومات الخلق ومحموداته، حتى الذكاء والكياسة والفطنة والنباهة، كلها تتأثر من الحياة الاجتماعية تأثرا شديدا.
ويتأتى هذا التأثير - في نظر ابن خلدون - من النحلة المعاشية في الدرجة الأولى؛ فإن المؤلف يفتتح الفصل الأول من الباب الثاني بتقرير المبدأ التالي: «إن اختلاف الأجيال في أحوالهم، إنما هو باختلاف نحلتهم من المعاش» (ص120).
ويبرهن على المبدأ المذكور بقوله: «فإن اجتماعهم إنما هو للتعاون على تحصيله» (ص12).
وأما كيفية تأثير النحلة المعاشية في الطبائع والسجايا، فيوضحها ابن خلدون بفضل أفعولتين نفسيتين مهمتين:
الأولى: الألفة والاعتياد، والثانية: الممارسة والمران. (أ)
إن أثر الألفة والاعتياد في طبائع الإنسان يقرره ابن خلدون بالعبارات التالية: «إن النفس إذا ألفت شيئا صار من جبلتها وخلقتها» (ص90).
وإذا «ألف الإنسان بعض الأحوال» صار ذلك له خلقا وملكة وعادة، تنزل منزلة الطبيعة والجبلة (ص125). (ب)
Page inconnue